كان أو مكملًا معناه بما بعده، فالمفرد نحو قوله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} والمكمل نحو {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلاَّ النصب، وقد أغفلوا وروده مرفوعًا بالابتداء مع ثبوت الخبر وجمع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر قول أبي قتادة: "أحرموا كلهم إلاَّ أبو قتادة لم يحرم"، فإلَّا بمعنى لكن وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ونظيره قوله تعالى: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} فإنه لا يصح أن يجعل امرأتك بدلًا من أحد لأنها لم تسر معهم فيتضمنها ضمير المخاطبين، وتكلف بعضهم بأنه وإن لم يسر بها لكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت، قال: وهذا على تقدير صحته لا يوجب دخولها في المخاطبين ومن أمثلة المحذوف الخبر قوله عليه الصلاة والسلام: "كل أمتي معافى إلاَّ المجاهرون" أي: لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون، ومن كتاب الله تعالى قوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} أي: لكن قليل منهم لم يشربوا، قال: وللكوفيين في هذا الثاني مذهب آخر وهو أن يجعلوا إلاَّ حرف عطفٍ وما بعدها معطوف على ما قبلها، وفي نسبة الكلام المذكور لابن أبي قتادة نظر، فإن سياق الحديث ظاهر في أن قوله: قول أبي قتادة حيث قال: إن أباه أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج حاجًّا فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة إلى أن قال: أحرموا كلهم إلاَّ أبو قتادة. وقول أبي قتادة: فيهم أبو قتادة من باب التجريد وكذا قوله: إلاَّ أبو قتادة ولا حاجة إلى جعله من قول ابنه لا يستلزم أن يكون الحديث مرسلًا، ومن توجيه الرواية المذكورة، وهي قوله: "إلاَّ أبو قتادة" أن يكون على مذهب من يقول: عليّ بن أبو طالب يعني على حكاية لفظ "أبي طالب".
وقوله: "فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتانًا" في هذا السياق زيادة على جميع الروايات لأنها متفقة على أفراد الحمار بالرؤية وأفادت هذه الرواية أنه من جملة الحمر وأن المقتول كان أتانًا أي: انثى، فعلى هذا في إطلاق الحمار عليها تجوز.
وقوله: "فحملنا ما بقي من لحم الأتان" في رواية أبي حازم: الآتية للمصنف في الهبة: "فرحنا، وخبأت العضد معي وفيه معكم منه شيء فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها" وله في الجهاد قال: "معنا رجله فأخذها فأكلها" وفي رواية المطلب "قد رفعنا لك الذراع فأكل منها".
وقوله: "قال: أمنكم أحد أمره أن يحمل أو أشار إليها قالوا لا" وفي رواية مسلم: "هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء؟ " وله من طريق شعبة عن عثمان: "هل أشرتم أو أعنتم أو اصطدتم"، ولأبي عوانة من هذا الوجه: "أشرتم أو اصطدتم أو قتلتم".
وقوله: "قال: فكلوا ما بقي من لحمها"، صيغة الأمر هنا للإباحة لا للوجوب لأنها وقعت