أي النسك المذكور في الآية حيث قال: "أو نسك" وروى الطبري عن مجاهد في آخر هذا الحديث: فأنزل الله {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} والنسك شاة، وعن محمد بن كعب القرظي، عن كعب: أمرني أن أحلق، وأفتدي بشاة، قال عياض ومن تبعه تبعًا لأبي عمر: كل من ذكر النسك في هذا الحديث مفسرًا فإنما ذكروا شاة، وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء، قال في "الفتح": يعكر عليه ما أخرجه أبو داود عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن كعب بن عجرة: أنه صابه أذىً فحلق، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهدي بقرة، وللطبراني عن نافع، عن ابن عمر قال: حلق كعب بن عجرة رأسه، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفتدي، فافتدى ببقرة، ولعبد بن حميد عن أبي معشر عن نافع، عن ابن عمر قال: افتدى كعب من أذىً كان برأسه فحلقه ببقرة قلدها واشعرها، ولسعيد بن منصور، عن سليمان بن يسار قيل لابن كعب بن عجرة: ما صنع أبوك حين أصابه الأذى في رأسه؟ قال: ذبح بقرة، فهذه الطرق كلها تدور على نافع، وقد اختلف في الواسطة التي بينه وبين كعب، وقد عارضها ما هو أصح منها من أن الذي أمر به كعب، وفعله في النسك إنما هو شاة، وروى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن المقبري عن أبي هريرة أن كعب بن عجرة ذبح شاة لأذىً كان أصابه، وهذا أصوب من الذي قبله، واعتمد ابن بطال على رواية سليمان فقال: أخذ كعب بأرفع الكفارات، ولم يخالف النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أمره به من ذبح الشاة، بل وافق وزاد، ففيه أن من أفتى بأيسر الأشياء فله أن يأخذ بأرفعها كما فعل كعب، وهذا فرع عن ثبوت افتدائه بالبقرة وقد مرَّ ما فيه.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَآهُ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.