بفتح الموحدة والمهملة أي: قضاء لما أحصر فيه من حج أو عمرة، وهذا هو قول الجمهور، ثم قال:
وقال روح، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ، فأما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله.
هذا التعليق وصله إسحاق بن راهويه في تفسيره عن روح بهذا الإِسناد، وهو موقوف على ابن عباس، ومراده بالتلذذ بمعجمتين: الجماع.
وقوله: حبسه عذر كذا للأكثر بضم المهملة، وسكون المعجمة بعدها راء، ولأبي ذر: حبسه عدو بفتح أوله وفي آخره واو.
وقوله: "وغير ذلك" أي من مرض أو نفاد نفقة، وقد أخرج ابن جرير نحو هذا بإسناد آخر، عن ابن عباس وفيه: فإن كانت حجة الإِسلام فعليه قضاؤها، وإن كانت غير الفريضة فلا قضاء عليه.
وقوله: "وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله" هذه مسألة اختلاف بين الصحابة، ومن بعدهم فقال الجمهور: يذبح المحصر الهدي حيث يحل سواء كان في الحل أو في الحرم، وقال أبو حنيفة: لا يذبحه إلاَّ في الحرم، وفصل آخرون كما قاله ابن عباس هنا، وهو المعتمد وسبب اختلافهم في ذلك هل نحو النبي صلى الله عليه وسلم الهدي بالحديبية بالحل أو في الحرم وكان عطاء يقول: لم ينحر يوم الحديبية إلاَّ في الحرم، ووافقه ابن إسحاق وقال غيره من أهل المغازي: إنما نحو في الحل، وروى يعقوب بن سفيان عن مجمع بن يعقوب، عن أبيه قال: لما حبس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه نحروا بالحديبية، وحلقوا وبعث الله ريحًا فحملت شعورهم فألقتها في الحرم وقال ابن عبد البر: هذا يدل على أنهم حلقوا في الحل، ولا يخفى ما فيه، فإنه لا يلزم من كونهم ما حلقوا في الحرم لمنعهم من دخوله أن لا يكونوا أرسلوا الهدي مع من نحره في الحرم، وقد ورد ذلك عن ناجية بن جندب الأسلمي قلت