فالأول: محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله الرازي أبو عبد الله بن واره الحافظ، قال النسائي: ثقة صاحب سنة وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه، وهو صدوق ثقة، وجدت أبا زرعة كتب عنه، وكان أبو زرعة يكرمه ويبجله، وكان أبو زرعة لا يقوم لأحد ولا يجلس أحدًا في مكانه إلاَّ ابن وارة، وقال فضلك الرازي: أحفظ من رأيت ثلاثة: أبو مسعود وابن وارة وأبو زرعة، وقال الطحاوي: ثلاثة من علماء الزمان بالحديث، اتفقوا بالرأي، لم يكن في الأرض في وقتهم مثلهم: أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن وارة، وقال ابن خراش: كان محمد بن مسلم من أهل هذا الشأن المتقنين الأمناء، قال: وكنت عند محمد بن مسلم ليلة فذكر أبا إسحاق السبيعي، فذكر شيوخه، فذكر في طلق واحد سبعين ومائتي رجل، ثم قال: كان غاية، كان شيئًا عجبًا، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان صاحب حديث يحفظ على صلف فيه، وقال الخطيب: كان متقنًا عالمًا حافظًا فهمًا، وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة من الحفاظ، ومن أئمة المسلمين صاحب سنة، وقال الحاكم: كان أحد أئمة أهل الحديث، روى أنه طرق باب رجل من المحدثين فقال: من؟ قال: ابن وارة، أبو الحديث وأمه، وقال زكرياء الساجي: جاء ابن وارة إلى أبي كريب، وكان في ابن وارة باء فقال لأبي كريب: ألم يبلغك خبري، ألم يأتك نبأي؟
أنا ذو الرحلتين، أنا محمد بن مسلم بن وارة، فقال له أبو كريب: وارة، وما وارة، وما أدراك ما وارة؟ قم فوالله لا حدثتك، وقال سليمان الشاذكوني: جاءني ابن وارة فقعد يتقعر في كلامه، فقلت: من روى؟ "إن من الشعر حكمة، وأن من البيان لسحرًا؟ " قال: حدثني بعض أصحابي، فقلت: من هم؟ قال: أبو نعيم، وقبيصة، قلت: هات يا غلام الدرة فضربته، وقلت: ما آمن إذا خرجت من عندي أن تقول حدَّثنا بعض علمائنا. روى عن محمد بن المبارك الصوري، وهوذة بن خليفة، والهيثم بن جميل، وروى عنه النسائي والذهلي وهو أكبر منه، والبخاري في غير الجامع، وقيل: فيه في هذا المحل، وغيرهم، مات سنة خمس وستين ومائتين وقيل سنة سبعين.
الثاني: أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي الحافظ الكبير، أحد الأئمة، قال أبو بكر الخلال: أبو حاتم إمام الحديث، روى عن أحمد مسائل كثيرة وقعت لنا متفرقة، كلها غريب، وقال ابن خراش: كان من أهل الأمانة والمعرفة، وقال النسائي: ثقة، وقال أبو نعيم: إمام في الحفظ، وقال اللالكائي: كان إماما عالمًا بالحديث، حافظًا له، متقنًا ثبتًا، وقال ابن أبي حاتم: سمعت موسى بن إسحاق القاضي يقول: ما رأيت مثل والدك قلت له: أرأيت أبا زرعة؟ قال: لا، وقال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان، ودعا لهما، وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين، وقال الخطيب: كان أحد الأئمة الحفاظ الأثبات، مشهورًا بالعلم، مذكورًا بالفضل، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: خرجت في طلب الحديث، أقمت سنين أحسب، ومشيت على