والأول: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو محمد أو أبو هاشم أو أبو جعفر وهي أشهر، أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبواه إليها، وهو أول مولود ولد من المسلمين بها، وولد بها أيضًا أخواه محمد وعون وولد للنجاشي ولد فسماه عبد الله فأرضعته أسماء حتى فطمته ولما توجه جعفر في السفينة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حمل امرأته أسماء وأولاده منها عبد الله، ومحمدًا وعونًا حتى قدموا المدينة، روى ابن جريج أن عبد الله بن جعفر قال: مسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسي وقال: "اللهم اخلف جعفرًا في ولده" وأخرج أحمد بسند قوي أنه قال: كنا نلعب فمر بنا على دابة فحملني أمامه، ومن طريق محمد بن أبي يعقوب في قصة موته أنه عليه الصلاة والسلام قال: "أما عبد الله فيشبه خلقي وخلقي" ثم أخذ بيدي فقال: "اللهم اخلف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه" قالها ثلاث مرات، وفيه: "وأنا وليهم في الدنيا والآخرة" وروى البغوي أنه عليه الصلاة والسلام مرَّ بعبد الله ابن جعفر وهو يبيع مع الصبيان، فقال: "اللهم بارك له في بيعه أو صفقته" وروى مسلم عنه أنه قال: أردفني النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فأسر إليَّ حديثا لا أحدث به أحدًا من الناس الحديث، تزوج أمَّه أبو بكر الصديق، فكان محمد أخاه لأمه، ثم تزوجها عليّ فولدت له يحيى، وكان أحد أمراء عليّ يوم صفين، وكان يقال له: قطب السخاء، قال ابن عبد البر: كان كريمًا جوادًا ظريفًا عفيفًا سخيًا، يسمى بحر الجود، ويقال: إنه لم يكن في الإِسلام أسخى منه، وكان لا يرى بأسا بسماع الغناء، وكان إذا قدم على معاوية أنزله داره، وأظهر له من بره وإكرامه ما يستحقه، وكان ذلك يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، زوجة معاوية، فسمعت ليلة غناء عند عبد الله بن جعفر فجاءت إلى معاوية فسمع وقالت هلم فاسمع ما في منزل هذا الرجل الذي جعلته بين لحمك ودمك فجاء معاوية وانصرف، فلما كان في آخر الليل سمع معاوية قراءة عبد الله بن جعفر فجاء فانبه فاختة وقال لها: اسمعي مكان ما أسمعتني، ويقولون إن أجواد العرب في الإِسلام عشرة.

فأجود أهل الحجاز: عبد الله بن جعفر وعبيد الله بن العباس وسعيد ابن العاص.

وأجود أهل الكوفة: عتاب بن ورقاء -أحد بني رباح بن يربوع- وأسماء بن خارجة بن حفص الفزاري، وعكرمة بن ربعي الفياض -أحد بني تيم الله بن ثعلبة-.

وأجود أهل البصرة: عمرو بن عبيد الله بن معمر وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي ثم أحد بني مليح وهو طلحة الطلحات، وعبيد الله بن أبي بكرة.

وأجود أهل الشام: خالد بن عبد الله بن خالد بن أسد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، وليس في هؤلاء كلهم أجود من عبد الله بن جعفر، ولم يكن مسلم يبلغ مبلغه في الجود وعوتب في ذلك فقال: إن ربي عودني عادة، وعودت الناس عادة فأنا أخاف إن قطعتها قطعت عني، ومدحه نصيب فأعطاه إبلا وخيلًا وثيابًا ودنانير ودراهم، فقيل له: تعطي لهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015