الحيض، أن حيضها كان بسرف قبل دخولهم مكة، وفي رواية أبي الزبير عن جابر عن مسلم أن دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها وشكواها ذلك له كان يوم التروية، وعند مسلم عن مجاهد عن عائشة أن طهرها كان بعرفة، ففي رواية القاسم عنها وطهرت صبيحة ليلة عرفة حتى قدمنا منى وله من طريقه فخرجت في حجتي، حتى نزلنا منى فتطهرت، ثم طفنا بالبيت الحديث. واتفقت الروايات كلها على أنها طافت طواف الإفاضة من يوم النحر، واقتصر النووي في شرح مسلم على النقل عن ابن حزم، أن عائشة حاضت يوم السبت ثالث ذي الحجة وطهرت يوم السبت عاشره يوم النحر وإنما أخذه ابن حزم من هذه الروايات التي في مسلم ويجمع بين قول مجاهد: وقول القاسم أنها رأت الطهر بعرفة، ولم تتهيأ للاغتسال، إلاَّ بعد أن نزلت منى أو انقطع عنها الدم بعرفة وما رأت الطهر حتى نزلت منى، وهذا أولى.
وقوله: وانطلق بالحج تمسك به من قال: إن عائشة لما حاضت تركت عمرتها واقتصرت على الحج، وقد تقدم البحث في ذلك مستوفى في باب امتشاط المرأة من كتاب الحيض.
وقوله: وأن سراقة لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يرميها يعني جمرة العقبة، وعند المصنف في كتاب التمني وهو يرمي جمرة العقبة، وفيه بيان المكان الذي سأل فيه سراقة عن ذلك، وسياق مسلم عن جابر يقتضي أنه قال له ذلك لما أمر أصحابه أن يجعلوا حجتهم عمرة، وبذلك تمسك من قال: إن سؤاله كان عن فسخ الحج إلى العمرة، أو كان سؤاله عن القران أو العمرة في أشهر الحج، ويحتمل أن يكون السؤال وقع عن الأمرين لتعدد المكانين.
وقوله: ألكم هذه خاصة يا رسول الله قال: "لا بل للأبد" وفي رواية يزيد بن زريع ألنا هذه خاصة، وفي رواية جعفر عند مسلم فقام سراقة فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد، فشبك أصابعه واحدة في الأخرى وقال: "دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للأبد أبدًا" قال النووي فمعناه عند الجمهور، أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إبطالًا لما كان عليه الجاهلية، وقيل معناه جواز القرآن أي: دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج، وقيل معناه سقط وجوب العمرة، وهذا ضعيف لأنه يقتضي النسخ بغير دليل وقيل: معناه جواز فسخ الحج إلى العمرة، قال: وهو ضعيف وتعقب بأن سياق السؤال يقوي هذا التأويل، بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب عما هو أعم من ذلك حتى يتناول ما هو أعم من ذلك إلاَّ الثالث، ومذهب الحنابلة أن السؤال وقع عن الفسخ، وأن فسخ القارن والمفرد حجها إلى العمرة عندهم مستحب، وتفصيله مذكور في كتبهم.
وفيه ذكر عدي وطلحة، وعائشة، وعبد الرحمن، وقد مرَّ الجميع، مرَّ محمد ابن المثنى وعبد الوهاب في التاسع من الإيمان، ومرَّ طلحة بن عبيد الله في التاسع والثلاثين من الإيمان، ومرَّ حبيب المعلم في الحادي عشر والمائة من الحج، ومرَّ عطاء في التاسع والثلاثين من