وقوله: "ليس التحصيب بشيء" أي: من أمر المناسك الذي يلزم فعله؟ قاله ابن المنذر، وروى أحمد عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: "ثم ارتحل حتى نزل الحصبة" قالت: والله ما نزلها إلا من أجلي، وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن أبي رافع، قاله: "لم يأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنزل بالأبطح حين خرج من منى، ولكن جئت فضربت قبته فجاء فنزل، لكن لما نزله النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان النزول به مستحبًا إتباعًا له لتقريره على ذلك، وقد فعله الخلفاء بعده، كما رواه مسلم عن نافع، عن ابن عمر، قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، وعمر، ينزلون الأبطح" وسيأتي للمصنف في الباب الذي يليه، لكن ليس فيه ذكر أبي بكر ومن طريق أخرى عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يرى التحصيب سنة، قال نافع: وقد حصب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والخلفاء بعده، فالحاصل أن من نفى أنه سنة كعائشة، وابن عباس، أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شيء، ومن أثبته كابن عمر أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله عليه الصلاة والسلام، لا الإلزام بذلك ويستحب أن يصلي به الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ويبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس، ويأتي نحوه في الباب الذي يليه عن ابن عمر.
قد مرّوا: مرَّ علي بن المديني في الرابع عشر من العلم، ومرَّ عمرو ابن دينار في الرابع والخمسين منه، وعطاء في التاسع والثلاثين منه، ومرَّ سفيان بن عيينة في الأول من بدء الوحي، وابن عباس في الخامس منه، أخرجه مسلم، وكذا الترمذي، والنسائي.
ثم قال المصنف: