أما إسناده: فهشيم، عنه، عن سليمان، عن عبد الله بن العباس. وقال محمد بن سيرين: عنه، عن سليمان، عن الفضل، أخرجهما النسائي. وقال ابن علية: عنه، عن سليمان، حدثني أحد ابني العباس، إمَّا الفضل، وإما عبد الله، أخرجه أحمد.
وأما المتن: فقال هشيم: أن رجلًا سأل، فقال: إن أبي مات. وقال ابن سيرين: جاء رجل فقال: إن أُمي عجوزٌ كبيرة. وقال ابن علية: جاء رجل، فقال: إن أبي أو أمي. وخالف الجميع معمر، عن يحيى بن أبي إسحاق، فقال: أن امرأة سألت عن أمها، وهذا الاختلاف كله عن سليمان بن يسار، وسياق غيره قد رواه كريب عن ابن عباس، عن حصين بن عوف الخثعمي، قال: قلت يا رسول الله إن أبي أدركه الحج، ورواه عطاء الخراساني عن أبي الغوث بن حصين الخثعمي، أنه استفتى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حجة كانت على أبيه .. أخرجهما ابن ماجه، والرواية الأولى أقوى إسنادًا، وهذا يوافق رواية هشيم في أنَّ السائل عن ذلك رجل سأل عن أبيه، ويوافقه ما روى الطبراني عن عبد الله بن شداد، عن الفضل بن عباس "أن رجلًا، قال: يا رسول الله إنَّ أبي شيخٌ كبير"، ويوافقهما مرسل الحسن عند ابن خزيمة، فإنه أخرجه عن عوف، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه رجلٌ، فقال: أبي شيخ كبير، أدرك الإِسلام لم يحج، الحديث، ثم ساقه عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال مثله، إلا أنه قال: إن السائل سأل عن أمه.
والذي يظهر من مجموع هذه الطرق أن السائل رجل، وكانت ابنته معه، فسألت أيضًا، والمسؤول عنه أبو الرجل وأمه جميعًا، ويقرب ذلك ما رواه أبو يعلى بإسناد قوي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل بن العباس، قال: كنت ردف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأعرابي معه بنتٌ له حسناء، فجعل الأعرابي يَعرضها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجاء أن يتزوجها، وجعلتُ ألتفت إليها، ويأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- برأسي فيلويه، فكان يُلبي حتى رمى جمرة العقبة، فعلى هذا، فقول الشابة: "أن أبي" لعلها أرادت به جدها؛ لأن أباها كان معها، وكأنه أمرها أن تسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- ليسمع كلامها ويراها رجاء أن يتزوجها، فلما لم يرضها، سأل أبوها عن أبيه، ولا مانع من أن يسأل أيضًا عن أمه.
وتحصَّل أيضًا من هذه الروايات أنَّ اسم الرجل حصين بن عوف الخثعمي، وأما في الرواية الأخرى أنه أبو الغوث بن حصين، فإنَّ إسناده ضعيف، ولعله كان فيه عن أبي الغوث