كذا وقع عند أبي ذَرٍّ بالنصب، لرواية الجميع.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ.
قوله: حدثنا الليث عن نافع، لم يروَ إلا بالعنعنة، وسماع الليث عن نافع صحيح، ولكن أخرجه الطحاويّ والدارقطنيّ والحاكم وغيرهم، عن الليث عن كثير بن فَرقد عن نافع، وزاد فيه "من المسلمين" كما تقدم، فإن كان محفوظًا احتمل أن يكون الليث سمعه من نافع بدون هذه الزيادة، ومن كثير بن فرقد عنه بها.
وقوله: أمر استدل به على الوجوب، وفيه نظر، لأنه يتعلق بالمقدار لا بأصل الإخراج. وقوله: قال عبد الله: فجعل الناس عِدْلَه، بكسر المهملة، أي: نظيره، وقد تقدم القول على هذه الكلمة في باب "الصدقة من كسب طيب". وقوله: مُدَّين من حنطة، أي نصف صاع، وأشار ابن عمر بقوله "الناس" إلى معاوية ومن تبعه، وقد وقع ذلك صريحًا فيما أخرجه الحُميديّ في مسنده عن ابن عُيينة عن أيوب عن نافع بلفظ "صدقة الفطر صاع من شعير أو صاع من تمر". قال ابن عمر: فلما كان معاوية عَدَلَ الناس نصف صاع بُرّ بصاع من شعير، وهكذا أخرجه ابن خُزيمة عن ابن عُيينة، وهو المعتمد، وهو موافق لقول أبي سعيد الآتي، وهو أصرح.
وأما ما وقع عند أبي داود عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع قال فيه: فلما كان عمر، كَثُرت الحنطة، فجعل عمر نصف صاعٍ حنطةً مكان صاعٍ من تلك الأشياء، فقد حكم مسلم على عبد العزيز فيه بالوهم، وأوضح الرد عليه. وقال ابن عبد البر: قول ابن عُيينة عندي أولى، وزعم الطحاوي أن الذي عدل عن ذلك عمر ثم عثمان وغيرهما، فأخرج عن يسار بن نُمير أن عمر قال له: إني أحلف لا أُعطي قومًا ثم يبدو لي فأفعل، فإذا رأيتني فعلت ذلك، فأَطعم عني عشرة مساكين، لكل مسكين نصفُ صاع من حنطة، أو صاع من تمر أو صاع من شعير. وعن أبي الأشعث قال: خطبنا عثمان فقال: أدوا زكاة الفطر مُدَّين حنصة. وقد مرَّ استيفاء الكلام على هذا قبل بابين.