في كتاب الأدب قال القوم: ماله ماله، وهو استفهام، والتكرار للتأكيد. وقوله: أرَب ماله، بفتح الراء والنون منونًا أي حاجة جاءت به، وهو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف. وقال في "المصابيح": هو مبتدأ مذكور الخبر، وهو له، وما زائدة، وسوغ الابتداء بالنكرة، كونها موصوفة بصفة يرشد إليها ما الزائدة، فإن ما الزائدة منبهة على وصف لائق بالمحل، واللائق هنا أن يقدر عظيم، لأنه سأل عن عمل يدخله الجنة، ولا أعظم من هذا الأمر. وروى أرِبَ، بكسر الراء وفتح الموحدة بلفظ الماضي، أي: احتاج فسأل حاجته، أو تفطن لما سأل عنه وعقل.
قال النضر بن شُميل: يقال: أرِبَ الرجل في الأمر، إذا بلغ فيه جهده. وقال الأصمعي: أرِب في الشيء صار ماهرًا فيه، فهو أريب. وكأنه تعجب من حُسن فطنته والتَّهَدِّي إلى موضع حاجته. ويؤيده قوله في رواية مسلم "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لقد وفق، أو لقد هُدِي" وقال ابن قُتيبة: أرِبَ، من الآراب وهي الأعضاء، أي: سقطت أعضاؤه، وأصيب بها، كما يقال: تربت يمينك، وهو مما جاء بصيغة الدعاء. ولا يراد حقيقته. وقيل: لما رأى الرجل يزاحمه دعا عليه، لكن دعاؤه على المؤمن ظهر كما ثبت في الصحيح. وروي بفتح أوله وكسر الراء والتنوين، أي: هو أرِبٌ، أي: حاذق فطن، يسأل عمّا يعينه.
قال في "الفتحة: لم أقف على صحة هذه الرواية، وجزم الكرماني، بأنها ليست محفوظة. وفي رواية لأبي ذَرٍّ "أَرَبَ" بفتح الجميع، قال عياض: لا وجه له، ووقعت في الأدب من طريق الكشميهنيّ وحده. وقوله: "وتصل الرحمَ" أي: تواسي ذوي القرابة في الخيرات، وقال النوويّ: معناه إن تحسن إلى أقاربك ذوي رحمك بما تيسر على حسب حالك وحالهم، من إنفاق أو سلام أو زيارة أو طاعة أو غير ذلك، وخص هذه الخصلة من بين خصال الخير نظرًا إلي حال السائل، كأنه كان لا يصل رحمه، فأمره به؛ لأنه المهم بالنسبة إليه، ويؤخذ منه تخصيص بعض الأعمال بالحض عليها، بحسب المخاطب، وافتقاره للتنبيه عليها أكثر مما سواها، إما لمشتقتها عليه، وإما لتسهيله في أمرها.
مرَّ منهم حفص بن عمر في الثالث والثلاثين من الوضوء وأبو أيوب في العاشر منه، ومرَّ شعبة في الثالث من الإيمان، والباقي اثنان: الأول محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب التيميّ مولى آل طلحة، روى عن موسى بن طلحة هذا الحديث. قال البخاريّ: أخشى أنْ يكون محمد غير محفوظ، وإنما هو عمرو بن عثمان، وهكذا رواه القطان وابن نمير، وغير واحد عن عمرو بن عثمان عن موسى، وذكر ابن أبي ميسرة أن محمدًا هذا أخ لعمرو، والله أعلم.
الثاني: موسى بن طلحة بن عُبيد الله التيميُّ القرشيُّ، أبو عيسى، ويقال أبو محمد المَزَنيّ، نزل الكوفة، وأُمه خولة بنت القعقاع بن سعيد بن زُرارة. قال أبو بكر بن أبي شَيبة: إنه ولد سنة