حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ فِي زَمَانِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ، فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَفَزِعُوا، وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ: لاَ وَاللَّهِ مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَا هِيَ إِلاَّ قَدَمُ عُمَرَ رضي الله عنه. وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما لاَ تَدْفِنِّي مَعَهُمْ وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ، لاَ أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا.
قوله: "لما سقط عليهم الحائط" أي: حائط حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية الحمويّ "عنهم"، والسبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجريّ عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: كان الناس يصلون إلى القبر، فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحد، فلما هدم، بدت قدم بساق وركبة، ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال: هذا ساق عمر وركبته، فَسُرِّيَ عن عمر بن عبد العزيز.
وروى الأجريّ عن رجاء بن حَيْوة قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز، وكان قد اشترى. حجر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن اهدمها، ووسع بها المسجد، فقعد عمر في ناحية، فأمر بهدمها، فما رأيت باكياً أكثر مني يومئذ، ثم بناه كما أراد، فلما أن بني البيت على القبر، وهدم البيت الأول، ظهرت القبور الثلاثة، وكان الرمل الذي عليها قد إنهار، ففزع عمر بن عبد العزيز، وأراد أن يقوم فيسويه بنفسه، فقلت له: أصلحك الله، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلًا أن يصلحها، ورجوت أن يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم، مولى له، قم فأصلحها، قال رجاء: وكان قبر أبي بكر عند وسط النبي -صلى الله عليه وسلم- وعمر خلف أبي بكر، ورأسه عند وسطه، وهذا ظاهره يخالف حديث القاسم، فإن أمكن الجمع وإلا فحديث القاسم أصح.
وأما ما أخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن عائشة "أبو بكر عن يمينه، وعمر عن يساره"، فسنده ضعيف، ويمكن تأويله. وقوله: وعن هشام، هو بالإسناد المذكور، وقد أخرجه المصنف في الاعتصام من وجه آخر عن هشام، وأخرجه الإسماعيليّ عن عَبَدة عن هشام، وزاد فيه "وكان في بيتها موضع قبر".
وقوله: "لا أزكَّى بهذا أبدًا"، بضم أوله وفتح الكاف على البناء للمجهول، أي لا يثنى عليّ بسببه، ويجعل لي بذلك مزية وفضل، وأنا في نفس الأمر، يحتمل أن لا أكون كذلك وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس، بخلاف قولها لعمر "كنت أريده لنفسي" في الحديث الذي بعده، فكان اجتهادها في ذلك تغيرًا.
ولما قالت ذلك لعمر، كان قبل أن يقع لها ما وقع في قصة الجمل، فاستحيت بعد ذلك أن