وأخرج الطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد صلاة الصبح، فقال: "إني رأيت الليلة رؤيا هي حق فاعقلوها .. فدكر حديثًا فيه أشياء بعضها ما في حديث سمرة، لكن يظهر من سياقه أنه حديث آخر، فإن في أوله "أتاني رجل فأخذ بيدي فاستتبعني حتى أتى جبلًا وعرًا طويلًا، فقال لي: ارقه، فقلت: لا أستطيع، فقال: إني سأسهله لك، فجعلت كلما وضعت قدمي وضعتها على درجة، حتى استويت على سواء الجبل، ثم انطلقنا، فإذا نحن برجال ونساء مشققة أشداقهم، فقلت: من هؤلاء؟ فقال: الذين يقولون ما لا يعلمون .. " الحديث.

وقوله: رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخذا بيدي، وفي رواية التعبير "أنه أتاني في الليلة آتيان، وفي رواية ابن أبي شيبة "اثنان أو آتيان" بالشك، وفي رواية علي "رأيتُ ملكين" ويأتي في آخر الحديث أنهما جبريل وميكائيل. وقوله "فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده" قال بعض أصحابنا عن موسى "كَلَّوب من حديد .. إلخ"، والكلوب، بفتح الكاف وتشديد اللام المضمومة، وهي الحديدة التي ينشل بها اللحم عن القدر، وكذلك الكُلَّاب، وكذا وقع في رواية الطبراني، والبعض المبهم لم يعرف المراد به، إلا أن الطبراني أخرجه في الكبير عن العباس بن الفضل الإسقاطي عن موسى بن إسماعيل، فذكر الحديث بطوله، وفيه "بيده كلّاب من حديد".

وقوله: "وإنا أتينا على رجل مضطجع على قفاه، وفي رواية الباب "حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه" وفي رواية "مستلقٍ على قفاه"، وقوله: بفِهْر أو صخرة، بكسر الفاء وسكون الهاء وفي آخره راء، هو الحجر ملأ الكف، وقيل: هو الحجَر مَطلقًا، وفي رواية "بصخرة" فقط وفي حديث عليّ "فمررت على مَلَك وأمامه آدمي، وبيد الملك صخرة يضرب بها هامة الأدمي".

وقوله: إلى الأرض المقدسة، عند أحمد إلى أرض فضاء، أو أرض مستوية، وفي حديث عَليّ "فانطلقا بي إلى السماء"، وقوله: فيشدخ به رأسه، الشدخ كسر الشيء الأجوف، وفي رواية "فيثلغ" بفتح أوله وسكون المثلثة وفتح اللام بعدها عين معجمة، أي يشدخه. وقوله: فإذا ضربه تدهده الحجر، بفتح المهملتين بينهما هاء ساكنة، وفي رواية الكشميهنيّ "فيتدأدأ" بهمزتين بدل الهاءين، وفي رواية "فيتهدأ" بهاء ثم همزة، وكل بمعنى، والمراد أنه دفعه من علو إلى أسفل، وتدهده إذا انحط، والهمزة تبدل من الهاء كثيرًا، وتدأدأ تدحرج، وهو بمعناه.

وقوله: فانطلق إليه ليأخذه، وفي رواية، فإذا ذهب إليه ليأخذه. وقوله: حتى يلتئم رأسه، وفي التعبير حتى يصبح رأسه، وعند أحمد "عاد رأسه كما كان" وفي حديث على "فيقع دماغه جانبًا، وتقع الصخرة جانبًا". قال ابن العربي: جعلت العقوبة في رأس هذه النومة عن الصلاة، والنوم موضعه الرأس. وقوله: فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع، يتوقد نارًا، كذا بالنصب، وفي رواية أحمد "تتوقد تحته نارٌ" بالرفع، وهي رواية أبي ذر، وعليها اقتصر الحميدي في جمعه، وهو واضح. وقال ابن مالك: "يتوقد تحته نارًا" بالنصب على التمييز، وأسند يتوقد إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015