عنه، واستعمله أنس وابن عمر وابن المسيب، وبه قال مالك والشافعيّ وأحمد وإسحاق، وكرهه عطاء الحسن ومجاهد، وقالوا: إنه ميتة، واستعماله في حنوط النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حجةٌ عليهم، وفي "الروضة": ولا بأس يجعل المسك في الحنوط. ويجعل الحنوط بين أكفانه وحَواسّه ومَرَاقّه، نصت على ذلك المالكية، ويستحب فيه شيء من الكافور، وتعلق هذا الأثر وما بعده بالترجمة، من جهة أن المصنف يرى أن المؤمن لا ينجس بالموت، وأن غسله إنما هو للتعبد؛ لأنه لو كان نجسًا لم يطهره الماء والسدر ولا الماء وحده، ولو كان نجسًا ما مسه ابن عمر ولغسل ما مسه من أعضائه، وكأنه أشار إلى تضعيف ما رواه أبو داود عن عمرو بن عُمير عن أبي هُريرة، مرفوعًا "من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ".

رواته ثقات إلا عمرو بن عمير، فليس بمعروف. وروى التِّرمذيّ وابن حِبّان عن سُهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هُريرة نحوه، وهو معلول، لأنّ أبا صالح لم يسمعه من أبي هُريرة، رضي الله تعالى عنه، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: الصواب عن أبي هُريرة موقوف، وقال أبو داود: تخريجه هذا منسوخ ولم يبين ناسخه، وقال الذهلي فبما حكاه الحاكم في تاريخه: ليس "فيمن غسل ميتًا فليغتسل" حديث ثابت.

وقد اختلف أهل العلم في الذي يغسل الميت، فقال بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم: إذا غسل ميتًا فعليه الغسل. وقال بعضهم: عليه الوضوء، وقال مالك: استحب غُسل من غسل الميت، ولا أرى ذلك واجبًا، وكذلك يندب عنده نية اغتسال غاسله، وفائدة ذلك أن يبالغ في تنظيف الميت، ولا يحترز من مخالطته. وقال ابن حبيب: لا غسل عليه ولا وضوء، وقال الشافعيّ في الجديد: يُندب الغسل لغاسله، وفي القديم بالوجوب.

وقال أحمد: من غسل ميتًا أرجو أن لا يجب عليه الغسل، فأما الوضوء فاضل ما فيه. وقال إسحاق: لابد من الوضوء، وروى عن ابن المبارك أنه قال: لا يغتسل ولا يتوضأ من غسل الميت، قال الخطابيّ لا أعلم أحدًا قال بوجوب الغسل منه، وأوجب أحمد وإسحاق الوضوء منه.

وهذا الأثر وصله مالك في الموطأ، عن نافع، وابن عمر قد مرَّ في أول الإِيمان قبل ذكر حديث منه، والابن عبد الرحمن بن سعيد بن زيد، ولم يذكر في الصحابة، ولا فيمن ولد على عهده عليه الصلاة والسلام.

ثم قال: وقال ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: المسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا، وهذا وصله سعيد بن منصور عن ابن عباس بلفظ "قال لا تبخسوا موتاكم، فإن المؤمن ليس ينجس حيًا ولا ميتًا" إسناده صحيح، وقد روى، مرفوعًا، أخرجه الدارقطنيّ عن عبد الرحمن بن يحيى المخزوميّ عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015