والباقيان اثنان الأول: تَوْبةَ بن أبي الأسد العَنبريّ أبو المُوَرِّع، بضم الميم وكسر الراء مشددة، البصريّ، واسم أبي الأسد كَيْسانُ بن راشد، وقيل توبة بن أبي راشد، ويقال ابن أبي المورع. قال ابن مُعين وأبو حاتم والنَّسائيّ: ثقة، وذكره ابن حِبّان في الثقات. ولّاه يوسف بن عمر سابورَ ثم ولّاه الأهواز. وروى المدائنيّ عن توية قال: عملت ليوسف بن عمر فحبسني حتى لم يبق في رأسي شعرة سوداء. وقال الأزديّ: وَحَدَّهُ توبة منكر الحديث. قال في المقدمة: تفرد بهذا الأزديّ.
وليس له في البخاريّ إلا حديثان أو ثلاثة. روى عن أنس. ومورق العجليّ والشعبيّ وغيرهم. وروى عنه شُعبة والثَّوري وأَبو الأشهب وغيرهم. مات بعد ثلاثين ومئة، وله أربع وسبعون سنة.
الثاني: مُورِّق، بضم الميم وكسر الراء المشددة، ابن مُشَمْرَج، بضم الميم الأول وسكون الثانية وفتح الشين والراء، ويقال ابن عبد الله العجليّ، أبو معمر البصريَّ، ذكره ابن حِبّان في الثقات. وقال النَّسائيّ: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة عابدًا، وقال ابن حِبّان: كان من العُبَّاد الخشن. وقال العجلي: بصريّ تابعيّ ثقة. روى عن عمر وسلمان الفارسيّ وأبي ذَرٍّ وأبي الدرداء وابن عمر وغيرهم. وروى عنه قَتَادة وعاصم الأحول ومُجاهد وحُمَيد الطويل وغيرهم. مات سنة ثلاث أو خمس أو ثمان ومئة.
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورواته كلهم بصريون ما خلا شعبة، فإنه واسطيّ، وفيه رواية التابعيّ عن التابعيّ، وشيخ البخاريّ من أفراده، والحديث أيضًا من أفراده.
حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: مَا حَدَّثَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِىء فَإِنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فَلَمْ أَرَ صَلاَةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ.
قوله: "ما حدثنا أحد" في رواية ابن أبي شيبة من وجه آخر، عن ابن أبي ليلى قال: أدركتُ الناس وهم متوافرون، فلم يخبرني أحد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الضحى، إلاَّ أم هانىء. ولمسلم عن عبد الله بن الحارث الهاشميّ قال: سألت وحرصت على أن أجد أحدًا من الناس يخبرني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبح سبحة الضحى، فلم أجد غير أُم هانىء، وبيّن ابن ماجه في روايته وقت سؤال عبد الله بن الحارث عن ذلك، ولفظه: "سألت في زمن عثمان. والناس متوافرون". وقوله: "غير أُم هانىء"، برفع غير؛ لأنه بدل من قوله أحد.
وقوله "ثمان ركعات" زاد كريب عن أُم هانىء: "فسلم من كل ركعتين" أخرجه ابن خزيمة.