هذا معنى الخبر، وليس المراد أنه كان يسرد الصوم، ولا أنه كان يستوعب الليل، ولا يشكل على هذا قول عائشة الآتي في الصوم "كان إذا صلّى صلاة داوم عليها" وقولها الجائي فيه أيضًا: "كان عمله دِيمة" لأن المراد بذلك ما اتخذه راتبًا، لا مطلق النافلة، فهذا وجه الجمع بين الحديثين، وإلا فظاهرهما التعارض.

رجاله أربعة:

قد مرّوا، مرّ منهم محمد بن جعفر في التاسع من الحيض، ومرّ حُميد الطويل في الثاني والأربعين من الإيمان، وأنس في السادس منه، والرابع عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى بن عمرو بن أويس بن سعد بن أبي سرح العامري القرشي، وقد مرّ في الأربعين من العلم.

لطائف إسناده:

فيه التحديث بالجمع والعنعنة والسماع والقول، واثنان من رواته مدنيان وبصريٌّ. أخرجه البخاري أيضًا في الصوم. ثم قال: تابعه سليمان وأبو خالد الأحمر عن حُميد، كذا ثبتت الواو في جميع الروايات، فعلى هذا يحتمل أن يكون سليمان وابن بلال، كما جزم به خلف، ويحتمل أن تكون الواو زائدة من الناسخ، فإن أبا خالد الأحمر اسمه سليمان، وعلى الاحتمال الأول إما متابعة سليمان بن بلال فسيأتي بها البخاري في كتاب الصوم، في باب ما يذكر من صوم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وكذلك متابعة أبي خالد، ذكرها البخاري في الصيام أيضًا، وسليمان بن بلال مرّ في الثاني من الإيمان.

وأبو خالد الأحمر اسمه سليمان بن حَيّان بالتحتانية الأزْديّ الكوفي، الجعفريّ، نزل فيهم، ولد بجرجان. قال إسحاق بن راهَوَيه: سألت وكيعًا عن أبي خالد فقال: وأبو خالد ممن يسأل عنه؟ وقال ابن مُعين: صدوق وليس بحجة، وقال مُرَّة: ثقة، وقال: ليس به بأس، وقال أبو هاشم: حدثنا أبو خالد الأحمر الثقة الأمين، وقال الخطيب: كان سفيان يعيب أبا خالد لخروجه مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وأما أمر الحديث فلم يكن يطعن عليه فيه، وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال العجليّ: ثقة ثبت صاحب سنة، وكان محترفًا، وكان يؤاجر نفسه من التجار، كان أصله شاميًا إلا أنه نشأ بالكوفة، وقال ابن عدي: إنما أُتيَ من سوء حفظه، فيغلط ويخطيء، وقال أبو بكر البَزّار: اتفق أهل العلم بالنقل على أنه لم يكن حافظًا، وأنه روى عن الأعمش وغيره أحاديث لم يتابع عليها. قال في المقدمة: له عند البخاري نحو ثلاثة أحاديث من روايته عن حُميد وهشام بن عُروة وعُبيد الله بن عبد الله بن عمر، كلها مما توبع عليه، وعَلَّق له عن الأعمش حديثاً واحدًا في الصيام، وروى له الباقون. روى عن سليمان التيميّ، وحميد الطويل وهشام بن عُروة وغيرهم، وروى عنه أحمد وإسحاق وابنا أبي شيبة وأبو كريب وغيرهم. ولد سنة أربع عشر ومئة، ومات سنة تسعين ومئة، وفي المتابعة حميد، وقد مرّ في الحديث المتابع عليه محله. ثم قال المصنف:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015