لمشاهدة حال المخبر حينئذ إثرًا لا يكون عند التأخير، فيكون الإيقاظ في الحال أبلغ، لوعيهن ما يخبرهن به ولسمعهن ما يعظهن به. وهذا الحديث قد مرّ في باب العلم والعظة بالليل، ومرّ استيفاء الكلام عليه هناك بما لا مزيد عليه.
مرّوا، مرّ محمد بن مقاتل في السابع من العلم، ومرّ ابن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومعمر في متابعة بعد الرابع منه والزهري في الثالث منه، وهند بنت الحارث وأُم سلمة في السادس والخمسين من العلم.
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيْلَةً فَقَالَ: أَلاَ تُصَلِّيَانِ؟. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا. فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا. ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهْوَ يَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}.
قوله: علي بن حسين هو زين العابدين، وهذا من أصح الأسانيد، ومن أشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أبيه عن جده، وحكى الدارقطني أنّ كاتب الليث رواه عن الليث عن عَقيل عن الزُّهريّ، فقال عن علي بن الحسين عن الحسن بن عليّ، وكذا في رواية حجاج بن أبي منيع عن جده عن الزُّهريّ في تفسير ابن مَرْدَوَيه، وهو وهم، والصواب عن الحسين، ويؤيده رواية حكيم بن حكيم عن الزُّهريّ عن علي بن الحسين عن أبيه، أخرجها النَّسائي والطبري. وقوله: "طرقه وفاطمة" بالنصب على الضمير، والطروق الإتيان بالليل، وعلى هذا فقوله: "ليلة" للتأكيد، وحكى ابن فارس أن معنى طرق أتى، فعلى هذا يكون قوله: "ليلة" لبيان وقت المجيء، قلت: ويؤيد هذا قوله في الحديث: "ولا يطرقهم ليلًا" فإن التقييد بالليل دال على أن الطروق هو الإتيان مطلقًا، ويحتمل أن يكون المراد بقوله: "ليلة" أي: مدة واحدة.
وقوله: "ألا تصليان؟ " قال ابن بَّطال: فيه فضيلة صلاة الليل، وإيقاظ النائمين من الأهل والقرابة لذلك. وفي رواية حكيم بن حكيم المذكورة "ودخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، على عليّ وفاطمة من الليل فأيقظنا للصلاة، ثم رجع إلى بيته، فصلّى هويًا من الليل، فلم يسمع لنا حسًا، فرجع إلينا فأيقظنا، الحديث. قال الطبريَّ: لولا ما علم النبي -صلى الله عليه وسلم-، من عظم فضل الصلاة بالليل، ما كان يزعج ابنته وابن عمه في وقت جعله الله سكنا لخلقه، لكنه اختار لهما إحراز تلك الفضيلة على الدعة والسكون، امتثالًا لقوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} الآية.