الوحي حتى شقَّ على النبي، -صلى الله عليه وسلم-، ذلك وأحزنه، فقال: لقد خشيتُ أن يكون صاحبي قد قلاني، فجاء جبريل بسورة والضحى. وذكر سليمان التيمي في السيرة التي جمعها، قال: فَتَر الوحي، فقالوا: لو كان من عند الله لتتابع، ولكن الله قلاه، فأنزل الله: {وَالضُّحَى} و {أَلَمْ نَشْرَحْ} بكمالهما. وكل هذه الروايات لا تثبت، والحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول: {وَالضُّحَى} غير الفترة المذكورة في ابتداء الوحي، فإن تلك دامت أيامًا، وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثًا فاختلطتا على بعض الرواة. وفي سيرة ابن إسحاق في سبب نزول: {وَالضُّحَى} شيء آخر، فإنه ذكر أن المشركين لما سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذي القرنين والروح وغير ذلك، ووعدهم بالجواب، ولم يستثن فأبطأ عليه جبريل اثنتي عشرة ليلة أو أكثر، فضاق صدره، وتكلم المشركون، فنزل جبريل بسورة: {وَالضُّحَى}، وبجواب ما سألوا، وبقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وذكر سورة الضحى هنا بعيد جدًا، لكن يجوز أن يكون الزمان في القصتين متقاربًا، فضم بعض الرواة إحدى القصتين إلى الأخرى، وكل منهما لم يكن في ابتداء البَعْث، وإنما كان بعد ذلك بمدة.
مرّ محمد بن كثير في الثاني والثلاثين من العلم، ومرّ محل الثلاثة الباقية في الذي قبله.
ثم قال المصنف: