في هذا إشارة إلى أن جمع التأخير عند المصنف يختص بمن ارتحل قبل أن يدخل وقت الظهر. قلت: وهو كذلك عند المالكية كما مرَّ. ثم قال: فيه ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى حديثه الماضي، قبل باب فإنه قيد الجمع فيه بما إذا كان على ظهر السير، ولا قائل بأنه يصليهما وهو راكب، فتعين أن المراد به جمع التأخير، ويؤيده رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده عن ابن عباس، ففيها التصريح بذلك، وإن كان في إسناده مقال، لكنه يصلح للمتابعة. وقد رواه أحمد والترمذي بما هو صريح في معنى الترجمة، فإن فيهما عنه أنه -عليه الصلاة والسلام- كان إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب. وإذا لم تزغ له في منزله سار، حتى إذا كانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر. وقد مرّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.
حَدَّثَنَا حَسَّانُ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ.
قوله: "تزيغ" بزاي ومعجمة أي: تميل. وقد زاغت مالت، وذلك إذا قام الفيء.
وقوله: "ثم يجمع بينهما" أي: في وقت العصر، وفي رواية قتيبة عن المفضل في الباب الذي بعده: ثم نزل فجمع بينهما. ولمسلم عن عقيل: يؤخر الظهر إلى وقت العصر، فيجمع بينهما. ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها، وبين العشاء حين يغيب الشفق، وله من رواية شبابة عن عقيل: حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما.
وقوله: "وإذا زاغت" أي: قبل أن يرتحل كما سيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعده.
مرّ منهم عقيل بن خالد والزهري في الثالث من بدء الوحي، ومرّ أنس في السادس من الإيمان، والباقي اثنان:
الأول: حسان بن عبد الله بن سهل الكندي الواسطي أبو علي سكن مصر، ذكره ابن حِبّان في