الأولى للنازل في وقتها، والواقف بعرفة. وقيل: يختص الجمع بالسائر دون النازل وهو قول ابن حبيب من المالكية وقيل: يختص بمن له عذر، حكي عن الأوزاعي. وقيل: يجوز جمع التأخير دون التقديم وهو مروي عن مالك وأحمد، واختاره ابن حزم، وإنما أورد المصنف أبواب الجمع في أبواب التقصير؛ لأنه تقصيرِ بالنسبة إلى الزمان، ولأن سببه التقصير أو السفر على ما مرّ، ثم ذكر أبواب صلاة المعذور قاعداً؛ لأنه تقصير بالنسبة إلى بعض صور الأفعال، ويجمع الجميع الرخصة للمعذور.

الحديث السادس والعشرون

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ.

قوله: "جدَّ به السير" أي: اشتد. قاله صاحب "المحكم". وقال عياض: جدَّ به السير أسرع، وكأنه نسب الإسراع إلى السير توسعًا.

رجاله خمسة:

قد مرّوا، مرّ علي بن عبد الله المديني في الرابع عشر من العلم، ومرّ سفيان بن عيينة في الأول من بدء الوحي، ومرّ محل الثلاثة الباقية في الذي قبله، والحديث أخرجه مسلم والنسائي في الصلاة.

الحديث السابع والعشرون

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

قوله: "وقال إبراهيم بن طهمان" وصله البيهقي عن محمد بن عبدوس عن إبراهيم المذكور بسنده المذكور إلى ابن عباس بلفظه.

وقوله: "على ظهر سير" كذا للأكثر بالإضافة، وفي رواية الكشميهني: على ظهر بالتنوين يسير بلفظ المضارع بتحتانية مفتوحة في أوله. قال الطيبي: الظهر في قوله: ظهر سير للتأكيد، كقوله الصدقة عن ظهر غنىً، ولفظ الظهر يقع في مثل هذا اتساعًا للكلام كأنّ السير كان مستندًا إلى ظهر قوي من المطي مثلًا، وقال غيره: جعل للسير ظهر؛ لأن الراكب ما دام سائرًا فكأنه راكب ظهر، وفيه جناس التحريف بين الظهر والظهر واستدل به على جواز جمع التأخير المتقدم. وأما جمع التقديم فسيأتي الكلام عليه بعد باب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015