وقع عنده من مخالفة الأولى. ويؤيده ما روى أبو داود أن ابن مسعود صلّى أربعًا فقيل له: عتبت على عثمان ثم صلّيت أربعًا فقال: الخلاف شر وفي رواية البيهقي إني لأكره الخلاف ولأحمد من حديث أبي ذر مثل الأول. وهذا يدل على إنه لم يعتقد أن القصر واجب. كما قال الحنفية، ووافقهم إسماعيل القاضي من المالكية، وهو رواية عن مالك وعن أحمد قال ابن قدامة: المشهور عن أحمد أنه على الاختيار والقصر أفضل عنده، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين.
واحتج الشافعي على عدم الوجوب بأن المسافر إذا دخل في صلاة المقيم صلّى أربعًا باتفاقهم، ولو كان فرضه القصر لم يأتم مسافر بمقيم. وقال الطحاوي: لما كان الفرض لابد لمن هو عليه أن يأتي به، ولا يتخير في الإتيان ببعضه وكان التخيير مختصًا بالتطوع دل على أن المصلي لا يتخير في الاثنين والأربع. وتعقبه ابن بطال بأنّا وجدنا واجبًا يتخير بين الإتيان بجميعه أو ببعضه، وهو الإقامة بمنىً. ونقل الداودي عن ابن مسعود: أنه كان يرى القصر فرضًا. وفيه نظر لما مرّ، ولو كان كذلك لما تعمد ترك الفرض، حيث صلّى أربعًا. وقال: إن الخلاف شر، ويظهر أثر الخلاف فيما إذا قام إلى الثالثة عمدًا، فصلاته عند الجمهور صحيحة، وعند الحنفية فاسدة، ما لم يكن جلس للتشهد. واستدلت الحنفية على الوجوب بما رواه الشيخان عن عائشة قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين. فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.
وهذا الحديث قد مرّ استيفاء الكلام عليه في أول كتاب الصلاة في الحديث الثاني، وبحديث ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة. رواه مسلم ورواه الطبراني: أفترض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ركعتين في السفر، كما افترض في الحضر أربعًا، وبحديث عمر قال: صلاة السفر ركعتان وصلاة الضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-. رواه النسائي وابن حِبّان في صحيحه وابن ماجه، وبحديث ابن عمر قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتانا ونحن ضلال يُعلمنا فيما علّمنا الله عزّ وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر. رواه النسائي. وبحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "المتممُ الصلاة في السَّفر كالمقصِّرِ في الحضر". رواه الدارقطني في سننه.
وفيه ذكر أبي بكر وعمر، وقد مرّوا إلاَّ عبد الرحمن، مرَّ قتيبة بن سعيد في الحادي والعشرين من الإِيمان، ومرّ عبد الواحد في التاسع والعشرين منه، ومرّ الأعمش وإبراهيم بن يزيد في الخامس والعشرين منه، ومرّ عبد الله بن مسعود في أول أثر منه قبل ذكر حديث منه، ومرّ محل أبي بكر وعمر وعثمان في الذي قبله بحديث، وعبد الرحمن هو ابن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر الكوفي قال الدارقطني: هو أخو الأسود وابن أخي علقمة وكلهم ثقات. وقال ابن معين: ثقة وذكره ابن حِبّان في الثقات. وقال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث كثيرة. وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، روى عن