أي: ماذا يفعل؟ وظاهر صنيع البخاري أنه يذهب إلى أنه يسجد بقدر استطاعته، ولو علي ظهر أخيه. وقد مرّ الحكم فيه في باب "مَنْ سجد لسجود القارىء" عند حديث ابن عمر. وقد مرّ عند حديث زيد بن ثابت أن شرط السجود عند المالكية أن يكون القارىء صالحًا للإمامة. وعند الحنفية لا فرق بين أن يسمعها ممن هو أهل للإمامة أو لا. كما لو سمعها من امرأة أو صبي أو كافرًا وخنثى مشكل، أو محدث.
وعند الشافعية كذلك، على ما ذكره النووي في "الروضة". وقال: هو الأصح. وعبارة الرافعي عند قول الغزالي في "الوجيز" ظاهر اللفظ يشمل قراءة المحدث والصبي والكافر، ويقتضي شرعية السجود للمستمع إلى قراءته. وحكى الرافعي عن صاحب البيان: إنه لا يسجد المستمع لقراءة المحدث، وحكى عن الطبري: إنه لا يسجد لقراءة الكافر والصبي، وحكى ابن قدامة في "المغني" عن الشافعي وأحمد وإسحاق: إنه لا يسجد لقراءة المرأة والخنثى المشكل. ورواية واحدة عن أحمد، وحكى عنه وجهين، فيما إذا كان صبيًا. وقال النووي أيضًا: إذا سمع آية السجدة من امرأة تلاها السامع، وسجدها وتكره مجاوزتها لمتطهر وقت جواز وإنْ كان محدثًا، أو الوقت وقت نهي جاوزها، وهل يجاوز محلها؟ كلفظ وأناب، أو يجاوز الآية قولان، هذا عند المالكية.
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِى فِيهَا السَّجْدَةُ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ.
هذا الحديث قد مرَّ في باب مَنْ سجد لسجود القارىء من وجه آخر. ومرّ الكلام عليه هناك.
قد مرّوا، مرَّ صدقة بن الفضل في السادس والخمسين من العلم، ومرّ نافع في الأخير منه، ومرّ يحيى بن سعيد القطان في السادس من الإيمان، ومرّ ابن عمر في أوله قبل ذكر حديث منه، ومرّ عبيد الله العمري في الرابع عشر من الوضوء.