حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ".
وذاك أن ابنًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- مات يُقال له إبراهيم فقال الناس في ذاك.
وجه مطابقة الحديث للترجمة يؤخذ من قوله: "وإذا كان ذلك فصلوا" بعد قوله: "إن الشمس والقمر" وقد وقع في بعض طرقه ما هو أصرح من ذلك، فعند ابن حِبّان عن يونس بن عبيد في هذا الحديث. فإذا رأيتم شيئًا من ذلك. وفي حديث عبد الله بن عمرو: "فإذا انكسف أحدهما". وقد تقدم حديث أبي مسعود بلفظ: "كسوف أيهما انكسف". وعند ابن حِبّان من وجه آخر أنه -صلى الله عليه وسلم- صلّى في كسوف القمر ولفظه: عن النضر بن شميل عن أشعث بإسناده. في هذا الحديث: صلّى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم.
وأخرجه الدارقطني أيضًا. وفي هذا ردٌ على مَنْ أطلق، كابن رشد أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يصل فيه، ومنهم مَنْ أوّل قوله: "صلى" أي: أمر بالصلاة جمعًا بين الروايتين.
وعند المالكية والحنفية لا يجمع في خسوف القمر. ونصت المالكية: على كراهية الجمع فيها؛ لتعذر اجتماع الناس بالليل غالبًا، وعند الشافعي يصلى لخسوف القمر كما يصلى لكسوف بجماعة وركوعين، وبالجهر بالقراءة وبخطبتين بينهما جلسة، وبه قال أحمد وإسحاق إلاّ في الخطبة. واستدل مالك وأبو حنيفة بأنه -صلى الله عليه وسلم- جمع لكسوف الشمس، ولمّا خسف القمر في جمادى الآخرة سنة أربع، ذكره ابن الجوزي وغيره لم يجمع فيه. وقال مالك: لم يبلغنا، ولا أهل بلدنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جمع لخسوف القمر، ولا نقل عن أحدٍ من الأئمة بعده أنه جمع بعده.
وقال صاحب الهدى: لم ينقل أنه صلى في كسوف القمر في جماعة، لكن حكى ابن حِبّان في "السيرة" له: أن القمر خسف في السنة الخامسة فصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه صلاة الكسوف. وكانت أول صلاة كسوف في الإِسلام. وقد جزم به مغلطاي في "سيرته المختصرة"، وتبعه العراقي في نظمها.
وروى الدارقطني عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات، وأربع سجدات، ويقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، أو الروم، وفي الثانية بيس. وفي حديث قبيصة مرفوعًا: "إذا انكسف الشمس أو القمر، فصلوا". وروى الدارقطني بسند جيد عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلّى في كسوف الشمس والقمر ثمان ركعات، في أربع سجدات. وفي رواية الأصيلي في حديث أبي بكرة هذا انكسف القمر، بدل الشمس. وهذا تغيير لا معنى له، وكأنه عسرت عليه مطابقة الحديث للترجمة، فظن أن لفظه مغير، فغيره هو إلى ما في ظنه صوابًا وليس كذلك.