قال الزين بن المنير: أتى بلفظ الاستفهام إِشعارًا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شيء إلى آخر ما مرّ عند حديث أسماء الماضي محله آنفًا.
وقوله: "وقال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} " في إيراده لهذه الآية احتمالان: أحدهما أن يكون أراد أن يقال: "خسف القمر" كما جاء في القرآن ولا يقال: كسف وإذا اختص القمر بالخسوف أشعر باختصاص الشمس بالكسوف، والثاني: أن يكون أراد أن الذي يتفق للشمس كالذي يتفق للقمر، وقد سمي في القرآن بالخاء في القمر فليكن الذي للشمس كذلك.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَخْبَرَتْهُ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ فَكَبَّرَ، فَقَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ". وَقَامَ كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهْىَ أَدْنَى مِنَ الرَّكْعَةِ الأُولَى، ثُمَّ سَجَدَ سُجُودًا طَوِيلاً، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ "إِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ".
في رواية ابن شهاب هنا عن عائشة بلفظ: "خسفت الشمس". لكن روايات غيره بلفظ كسفت كثيرة جدًا، وقوله فيه: "ثم سجد سجودًا طويلاً" فيه ردٌ على مَنْ زعم أنه لا يسن تطويل السجود في الكسوف، وسيأتي ذكره في باب مفرد، ويأتي باقي مباحثه هناك. وقد مضى جلها عند حديث أسماء في بابٍ مفرد بعد باب ما يقول بعد التكبير من صفة الصلاة، ومرّت هناك مباحث هذا الحديث.
قد مرّوا، مرّ سعيد بن عفير في الثالث عشر من العلم، ومرَّ الليث وعقيل وابن شهاب في الثالث من بدء الوحي، وعروة وعائشة في الثاني منه. ثم قال المصنف: