عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يحدث يوم خسفت الشمس بمثل حديث عروة عن عائشة فقلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح قال: أجل؛ لأنه أخطأ السنة هو بتقديم الخبر على الاسم، وفي مسلم عن الزهري بلفظ: وأخبرني كثير بن العباس، وصرّح برفعه وأخرجه مسلم أيضًا والنسائي عن عبد الرحمن بن نمر عن الزهري كذلك، وساق المتن بلفظ: "صلى يوم كسفت الشمس أربع ركعات في ركعتين وأربع"، وطوله الإسماعيلي من هذا الوجه.
وقوله: "فقلت لعروة" هو مقول الزهري. وقوله: "إن أخاك" يعني عبد الله بن الزبير، وصرّح به المصنف من وجه آخر كما يأتي في أواخر الكسوف، وللإسماعيلي فقلت لعروة: والله ما فعل ذلك أخوك عبد الله بن الزبير انخسفت الشمس وهو بالمدينة زمن أراد أن يسير إلى الشام، فما صلى إلا مثل الصبح.
وقوله: "قال: أجل"؛ لأنه أخطأ السنة في رواية ابن حِبّان فقال: أجل كذلك صنع وأخطأ السنة، واستدل به على أن السنة أن يصلي صلاة في كل ركعة ركوعان، وتعقب بأن عروة تابعي، وعبد الله صحابي، فالأخذ بفعله أولى.
وأُجيب بأن قول عروة وهو تابعي السنة كذا، وإن قلنا إنه مرسل على الصحيح، لكن قد ذكر عروة مستنده في ذلك وهو خبر عائشة المرفوع، فانتفى عنه احتمال كونه موقوفًا أو منقطعًا، فيرجح المرفوع على الموقوف. فلذلك حكم على صنيع أخيه بالخطأ، وهو أمر نسبي، وإلا فما صنعه عبد الله يُناوىء أصل السنة، وإن كان فيه تقصير بالنسبة إلى كمال السنة، ويحتمل أن يكون عبد الله أخطأ السنة عن غير قصد؛ لأنها لم تبلغه.
لأن أخاك المراد به عبد الله بن الزبير قد مرّوا إلاَّ كثير. مرّ محل عروة وعائشة في الذي قبله، ومرّ عبد الله بن العباس في الخامس من بدء الوحي، ومرّ عبد الله بن الزبير في الثامن والأربعين من العلم، وكثير: هو ابن العباس بن عبد المطلب بن هاشم أبو تمام المدني ابن عم النبي -صلى الله عليه وسلم- أُمه أُم ولد اسمها: رومية، أو حميرية قال: يعقوب بن شيبة يعد في الطبقة الأولى من أهل المدينة ممن ولد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة، وقال: لم يبلغنا أنه روى شيئًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان رجلًا صالحًا، فقيهًا، ثقة، قليل الحديث. وقال مصعب الزبيري: كان فقيهًا، فاضلًا، وقال ابن حِبّان: كان رجلًا صالحًا، فاضلًا، فقيهًا.
ويروى أن معاوية سأل رجلًا عن أعبد الناس بالمدينة؟ فقال: كثير بن العباس، وروى البغوي عن عبد الله بن الحارث قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرًا بني العباس. ويقول: مَنْ سبق فله كذا، وهو مسند جيد الإسناد. ورواه ابن منده، وابن السكن عن العباس بن كثير بن