الحديث السادس والعشرون

حَدَّثَنَا الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: "صَيِّبًا نَافِعًا".

قوله: "عن نافع عن القاسم" قد سمع نافع من عائشة ونزل في هذه الرواية عنها، وكذا سمع، عبيد الله من القاسم، ونزل في هذه الرواية عنه مع أنَّ معمرًا قد رواه عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم نفسه بإسقاط نافع من السند أخرجه عبد الرزاق عنه.

وقوله: "اللهم صيبًا نافعًا" كذا في رواية المستملي، وسقط اللهم لغيره، "وصيبًا" منصوب بفعل مقدَّر أي: اجعله، والصيب: هو المطر الذي يصوب أي: ينزل ويقع، وفيه مبالغات من جهة التركيب والبناء والتكثير، فدل على أنه نوع من المطر شديد هائل، ولذا تتمه بقوله: "نافعًا"، وكأنه احترز به عن الصيب الضَّار كقول الشاعر:

فسقى ديارك غير مفسدها .... صوب الربيع وديمة تهمى

لكن نافعًا في الحديث أوقع وأحسنَ وأنفع من قوله: غير مفسدها. قال في المصابيح، وهذا أي: قوله: "صيِّبًا نافعًا"، كالخبر الموطىء في قولك: "زيد رجل فاضلٌ" إذْ الصفة هي المقصودة بالإِخبار بها, ولولا هي لم تحصل الفائدة. هذا إنْ بنينا على قول ابن عباس أنَّ الصيب هو المطر وإنْ بنينا على أنه المطر الكثير، كما نقله الواحدي. فكلٌ من: "صيبًا ونافعًا" مقصود، والإقتصار عليه مُحصل للفائدة وللمستملي اللهم صبًا بالموحدة من غير مثناة من الصِّيب أي: يا الله اصببه صبًا نافعًا.

وهذا الحديث من هذا الوجه مختصر، وقد أخرجه مسلم عن عطاء عن عائشة تامًا، ولفظه: "كان إذا كان يوم ريحٍ عُرف ذلك في وجهه" ويقول: إذا رأى المطر "رحمةُ". وأخرجه أبو داود والنسائي عن شريح بن هانىء عن عائشة أوضح منه، ولفظه: كان إذا رأى ناشئًا في أفق السماءِ ترك العمل، فإن كشفَ حمدَ الله، فإنْ أُمطرتْ قال: "اللهم صيبًا نافعًا". وسيأتي للمصنف في أوائل بدء الخلق عن عطاء أيضًا عن عائشة مُقْتَصراً علي معنى الشِّق الأول، وفيه أقبلَ وأدبر وتغير وجهه، وفيه وما أَدري لعله كما قال قوم عادٍ: {هَذَا عَارِضٌ} الآية، وعُرِفَ برواية شريح أَنَّ الدعاء المذكور يُستحب بعد نزوله للازدياد من الخير والبركة مقيدًا بدفع ما يحذر من الضرر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015