حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ، وَالنَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ. وَتِلْكَ الأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى. وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتُرُنِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- دَعْهُمْ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ. يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ.
أشكلت على جماعة مطابقة هذا الحديث للترجمة، وأجاب ابن المنير بأن ذلك يؤخذ من قوله عليه الصلاة والسلام: "إنها أيام عيد" فأضاف نسبة العيد إلى اليوم فيستوي في إقامتها الفذ والجماعة والنساء والرجال. قال ابن رشيد: وتتمته أن يقال "إنها أيام عيد لأهل الإِسلام" بدليل قوله في الحديث الماضي: "عيدنا أهل الإِسلام"؛ ولذا ذكره البخاري في صدر الباب، وأهل الإِسلام شامل لجميعهم فردًا وجمعًا، وهذا يستفاد منه الحكم الثاني لا مشروعية القضاء، والذي يظهر أن مشروعية القضاء تؤخذ من قوله: "فإنها أيام عيد" أي أيام (مِنى) فلما سماها أيام عيد كانت محلًا لأداء هذه الصلاة؛ لأنها شرعت ليوم العيد، فيستفاد من ذلك أنها تقع أداء وأن لوقت الأداء آخر وهو آخر أيام (مِنى). وفي خط أبي القاسم بن الورد لما سوغ النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء راحة العيد المباحة كان آكد أن يندبهن إلى صلاته في بيوتهن فيلتئم قوله في الترجمة: "وكذلك النساء" مع قوله في الحديث: "دعهما فإنها أيام عيد".
وقوله: "وقالت عائشة" معطوف على الإسناد المذكور.
وقوله: "فزجرهم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- دعهم" كذا في الأصول بحذف فاعل فزجرهم. وفي رواية كريمة "فزجرهم عمر" كذا هنا. وسيأتي هذا الإسناد في أوائل المناقب بحذفه للجميع وضبب النسفي بين زجرهم وبين فقال إشارة إلى الحذف، وقد ثبت بلفظ عمر في طرق أخرى كما تقدم في أوائل العيدين.
وقوله: "أمْنًا بني أَرفِدة" أي بسكون الميم من الأمن يشير إلى أن المعنى اتركهم من جهة أنا أمناهم أمنًا أو أراد أنه مشتق من الأمن لا من الأمان الذي للكفار.