التابعين ومنهم من قيد ذلك بشدة الخوف، وسيأتي عن بعضهم في شدة الخوف أسهل من ذلك.
وقال الجمهور: قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد، وتأولوا رواية مجاهد السابقة على أن المراد به ركعة مع الإِمام وليس فيه نفي الثانية. وقالوا: يحتمل أن يكون قوله في الحديث السابق لم يقضوا أي لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن.
وقال القسطلاني عند قوله "ولكن يحرس بعضهم بعضًا": هذا السياق صادق بأن تسجد الطائفة الأولى معه في الركعة الأولى والثانية في الثانية كما في رواية الباب وعكسه بأن تسجد الثانية معه في الأولى والأولى في الثانية مع تحول كل منهما إلى مكان الأخرى، فتكون صفتين والذي في "مسلم" و"أبي داود" وهو الصفة الأولى مع التحول أيضًا. ولفظ أبي داود عن أبي عياش الزُرَقي قال: "صلينا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- العصر بعسفان فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمشركون أمامه واصطفوا صفًا خلفه وخلف الصف صف آخر، فركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وركعوا جميعًا، ثم سجد فسجد الصف الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم فلما جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سجد الآخرون وجلسوا جميعًا فسلم بهم"، ولمسلم نحوه.
وهذا السياق مغاير لحديث الباب فإن فيه أن الصفين ركعوا معه عليه الصلاة السلام وسجدت معه الأولى وقامت الأخرى من الركوع تحرس، ثم سجدت الحارسة بعد فراغ أولئك. وفي حديث الباب أنه ركع طائفة منهم وسجدوا معه، ثم جاءت الطائفة الأخرى كذلك.
وقد مرّ قريبًا أن رواية الباب لم يقع فيها هل أكملوا الركعة الثانية أم لا؟ الخ.
قد مرّوا إلاَّ اثنين: مرّ محمد بن الوليد الزبيدي في التاسع عشر من "العلم"، ومرّ ابن شهاب في الثالث من "بدء الوحي"، وعبيد الله المسعودي في السادس منه، وابن عباس في الخامس منه، والباقيان: الأول منهما: حَيْوَة بفتح الحاء والواو وسكون الياء ابن شُريح بضم الشين مصغر بن يزيد أبو العباس الحضرمي الحمصي وهو حيوة الأصغر، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال يعقوب بن شيبة: ثقة.
روى عن أبيه وبقية ومحمد بن حرب الأبرش وغيرهم. وروى عنه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه عنه بواسطة.
مات سنة أربع وعشرين ومائتين.
الثاني: محمد بن حرب الخولاني أبو عبد الله المعروف بالأبرش، ذكره ابن حبان في "الثقات". قال ابن سعد ولي قضاء دمشق. وقال عثمان الدارمي قلت: لابن معين فبقية كيف حديثه؟ قال: ثقة، قلت: هو أحب إليك أم محمد بن حرب؟ قال: ثقة وثقة.