وعن ابن أبي ذيب عن أبي هريرة عن كعب الأحبار قوله: وروى ابن أبي خيثمة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وأبي هريرة وأبي سعيد، فذكر الحديث وفيه قال أبو سلمة: فلقيت عبد الله بن سلام فذكرت له ذلك، فلم يعرض بذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- بل قال: النهار ثنتا عشر ساعة وإنها لفي آخر ساعة من النهار ولابن خزيمة عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال: "قلتُ ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- جالسٌ إنا لنجدُ في كتاب اللهِ أن في الجُمعة ساعة" قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أو بعضَ ساعةٍ. قلتُ: نعم أو بعضَ ساعةٍ" الحديث وفيه "قلت أي ساعة" فذكر الحديث، وهذا يحتمل أن يكون القائل، قلت عبد الله بن سلام فيكون مرفوعًا أو يكون أبا سلمة فيكون موقوفًا وهو الأرجح لتصريحه في رواية يحيى بن أبي كثير بأن عبد الله بن سلام لم يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجواب.
الثاني والأربعون: من حين يغيب نصف قرص الشمس أو من حين تدلي الشمس للغروب إلى أن يتكامل غروبها، رواه الطبراني في "الأوسط" والدارقطني في "العلل"، والبيهقي في "الشعب" و"فضائل الأوقات" عن زيد بن علي بن الحسين بن علي حدثتني مرجانة مولاة فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: حدثتني فاطمة عليها السلام عن أبيها فذكر الحديث، وفيه "قلت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أي ساعةٍ هي قال: إذا تدلّى نصفُ الشمس للغروب فكانت فاطمةُ إذا كان يومُ الجمعةِ أرسلت غلامًا لها يُقال له زيدٌ ينظرُ لها الشمسَ فإذا أخبرها أنها تدلتْ أقبلتْ على الدعاءِ إلى أن تغيبَ " في إسناده اختلاف على زيدٌ بن علي، وفي بعض رواته من لا يعرف حاله، وأخرجه إسحاق بن راهويه عن زيد بن علي عن فاطمة لم يذكر فيه مرجانة وقال فيه: "إذا تدلت الشمس للغروب"، وقال فيه "تقول لغلام يقال له: أربد اصعد على الظربِ فإذا تدلتِ الشمسُ للغروبِ فأخبرني" والباقي نحوه، وفي آخره ثم تصلي المغرب.
الثالث والأربعون: ما استنبطه الجزري وذكره في "حصن الحصين" في الأدعية لما ذكر الاختلاف في ساعة الجمعة، واقتصر على ثمانية أقوال مما تقدم، ثم قال ما نصه والذي اعتقده أنها وقت قراءة الإمام الفاتحة في صلاة الجمعة إلى أن يقول: آمين جمعًا بين الأحاديث التي صحت كذا قال: ويخدش فيه بأنه يفوت على الداعي حينئذ الإنصات لقراءة الإمام.
هذا ما وقفت عليه من الأقوال في ساعة الجمعة مع ذكر أدلتها وبيان حالها في الصحة والضعف والرفع والوقف والإشارة إلى مأخذ بعضها، وليست كلها متغايرة من كل وجه بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره. قال الزين بن المنير يحسن جمع الأقوال، وكان قد ذكر مما تقدم عشرة أقوال فتكون ساعة الإجابة منها لا بعينها، فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها، وليس المراد من أكثرها أنها تستوعب جميع الوقت الذي عين، بل المعنى أنها تكون في أثنائه لقوله فيما مرّ "يقللها". وقوله "وهي ساعة خفيفة" وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلًا، وانتهاؤه انتهاء الصلاة، وكأن كثيراً من القائلين عيّن ما اتفق له وقوعها فيه من ساعة في أثناء وقت من الأوقات المذكورة، فبهذا التقرير يقل الانتشار جدًا.