حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قال: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، لاَ يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ، أَوْ لاَ يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا.
قوله: "فينصرفن" على لغة أكلوني البراغيث وهي لغة بني الحارث وكذا قوله: "لا يعرفن بعضهن بعضًا". وهذا في رواية الحموي والكشميهني ولغيرهما لا يعرف بالإفراد على الجادة. وقوله: "نساء المؤمنين" وفي بعض النسخ "نساء المؤمنات" أي: الأنفس المؤمنات أو الإضافة بيانية نحو شجر الأراك، وقيل إن النساء بمعنى الفاضلات أي: فاضلات المؤمنات، وفيه دليل على وجوب قطع الذرائع الداعية إلى الفتنة وطلب إخلاص الفكر لاشتغال النفس بما جبلت عليه من أمور النساء. وقد مرّ الكلام على هذا الحديث في باب (في كم تصلي المرأة من الثياب) وباب (وقت الفجر).
قد مرّوا إلا سعيد بن منصور مرّ يحيى بن موسى البلخي في التاسع عشر من الحيض، ومرّ فليح في الأول من العلم، ومرّ القاسم في الحادي عشر من الغُسل، ومرّ ابنه عبد الرحمن في السادس عشر منه، ومرّت عائشة في الثاني من بدء الوحي.
وأما سعيد فهو ابن منصور بن شعبة الخراساني أبو عثمان المروزي، ويُقال الطالقاني، يُقال ولد (بجوزجان) ونشأ (ببلخ) وطاف البلاد وسكن (مكة) ومات بها. قال حرب: سمعت أحمد يحسن الثناء عليه، وقال سَلَمة بن شبيب: ذكرته لأحمد فأحسن الثناء عليه وفخم أمره، وقال حنبل عن أحمد: هو من أهل الفضل والصدق. وقال ابن نمير وابن خراش: ثقة، وقال أبو حاتم: ثقة من المتقنين الأثبات ممن جمع وصنف وكان محمد بن عبد الرحيم إذا حدّث أثنى عليه وكان يقول: حدّثنا سعيد وكان ثبتًا، وكان يحيى بن حسان يقدمه ويرى له حفظه وكان حافظًا. وقال الحاكم: سكن (مكة) مجاورًا وكان راوية ابن علية وأحد أئمة الحديث. له مصنفات وقال حرب: أملى علينا نحوًا من عشرة آلاف حديث من حفظه، ثم صنّف بعد ذلك. وذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال: كان ممن جمع وصنّف وكان من المتقنين الأثبات. وقال ابن قانع: ثقة ثبت، وقال الخليلي: ثقة