وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ أُتِيَ بِبَدْرٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِى طَبَقًا فِيهِ خُضَرَاتٌ.
قوله: "ببَدر" بفتح الموحدة وهو الطبق سمي بذلك لاستدارته تشبيهًا له بالقمر عند كماله مراد البخاري أن أحمد بن صالح خالف سعيد بن عفير في هذه اللفظة فقط وشاركه في سائر الحديث عن ابن وهب بإسناده المذكور. وقد أخرجه البخاري في الاعتصام قال: حدثنا أحمد بن صالح فذكره بلفظ: "أتي ببدر وفيه قول ابن وهب يعني طبقًا فيه خُضَرات" وكذا أخرجه أبو داود عن أحمد بن صالح لكن أخر تفسير ابن وهب فذكره بعد فراغ الحديث. وأخرجه مسلم عن أبي طاهر وحرملة عن ابن وهب فقال: "بقِدر" بالقاف، ورجح جماعة من الشّراح رواية أحمد بن صالح لكون ابن وهب فسر البدر بالطبق، فدل على أنه حدث به كذلك وزعم بعضهم أن لفظة بقدر تصحيف؛ لأنها تشعر بالطبخ. وقد ورد الإذن بأكل البقول مطبوخة بخلاف الطبق، فظاهره أن البقول كانت نيئة والذي يظهر أن رواية القدر أصح لما مرَّ من حديث أبي أيوب وأُم أيوب جميعًا، فإن فيه التصريح بالطعام ولا تعارض بين امتناعه -صلى الله عليه وسلم- من أكل الثوم وغيره مطبوخًا، وبين إذنه لهم في أكله مطبوخًا. فقد علّل ذلك بقوله: "إني لستُ كأحدٍ منكمٍ" وترجم ابن خزيمة على حديث أبي أيوب ذكر ما خص الله به نبيه من ترك أكل الثوم وغيره مطبوخًا. وقد جمع القرطبي في "المفهم" بين الروايتين بأن الذي كان في القدر لم ينضج حتى تضمحل رائحته فبقي في حكم النيء.
وأحمد بن صالح قد مرّ في الرابع والسبعين من أحاديث أبواب القبلة، ومرَّ ابن وهب في الثالث عشر من العلم. ثم قال: ولم يذكر الليث وأبو صفوان عن يونس قصة القِدر، فلا أدري هو من قول الزهري أو في الحديث.
قوله: "فلا أدري" إلخ هو من كلام البخاري ووهم من زعم أنه كلام أحمد بن صالح أو من فوقه، وقد قال البيهقي: الأصل أن ما كان من الحديث متصلًا به، فهو منه حتى يجيء البيان الواضح بأنه مدرج فيه. في التعليقين ذكر الزهري، أما رواية الليث فقد وصلها الذهلي في "الزهريات"، وأما رواية أبي صفوان فقد وصلها البخاري في "الأطعمة" عن علي بن المديني عنه واقتصر على الحديث الأول، وكذلك اقتصر عقيل عن الزهري كما أخرجه ابن خزيمة.