واجبة فيجزئه كما لو ركع معه. وقد مرّ قريبًا أن في نيّة الخروج عندهم قولين. وذكر في "المبسوط" المقتدي يخرج من الصلاة بسلام الإِمام، وقيل هو قول محمد أما عندهما يخرج بسلام نفسه وتظهر ثمرة الخلاف في انتقاض الوضوء بسلام الإِمام قبل سلام نفسه بالقهقهة، فعنده لا تبطل خلافًا لهما.
وحاصل مذهب مالك هو أن سبق المأموم للإِمام ومساواته في تكبيرة الإحرام والسلام مبطل لصلاته، وقد نظم بعضهم جملة ما قيل في ذلك فقال:
فسابقٌ في البدءِ أبطلْ مطلقًا ... كذاكَ في التمام أيضًا حققا
ومبتدٍ بعدُ ومعه قد كملْ ... أو بعدَهُ صحتْ لَهُ نلتَ الأملْ
والخلفُ إنْ معَهُ وبعدَهُ أتمّ ... وقد بدا معهُ وصحة تؤم
وعندهم يكره للمأموم التأخير بعد سلام الإِمام إن كان في الدعاء لا في التشهد، فإنه يفعله بعد سلامه إن بقي في مكانه أو تحوّل تحوّلًا يسيرًا. ثم قال: وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يستحب إذا سلَّم الإِمام أن يسلِّم من خلفه. مطابقته للترجمة ظاهرة ولا يقال إنها غير ظاهرة؛ لأن المفهوم من الترجمة أن يسلم المأموم؛ لأن سلامه إذا كان حين سلام الإِمام يكون معه بالضرورة، والمفهوم من الأثر أن يسلم المأموم عقيب سلام الإِمام؛ لأنا نقول إن كلمة إذا ليست للشرط حتى يكون عقيبه، بل هي لمجرد الظرف على الأصل فيها، وحينئذ يحصل التطابق بين الأثر والترجمة. وهذا الأثر قال في "الفتح": لم أقف على مَنْ وصله، لكن عند ابن أبي شيبة عن ابن عمر ما يعطي معناه، وابن عمر في أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه. ثم قال: