ينكسر ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منيّة قاضية ففعل. قال ابن عبد البر: اتخذ سيفًا من خشب وجعله في جفن، وذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بذلك. وقال حذيفة في حقّه: إني لأعلم رجلًا لا تضره الفتنة فذكره وصرّح بسماع ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه البغوي وغيره.
وقال ابن الكلبي: ولاّه عمر على صدقات جهينة. وقال غيره كان عند عمر معدًا لكشف الأمور المعضلة في البلاد. وكان هو رسوله في الكشف عن سعد بن أبي وقاص حين بني القصر بالكوفة. قال ابن المبارك في الزهد بسنده: بلغ عمر أن سعدًا بني قصراً وجعل عليه بابًا وقال: انقطع الصوت فأرسل محمد بن مسلمة، وكان عمر إذا أحبّ أن يعلى بالأمر كما يريد بعثه فقال له أئت سعدًا فأحرق عليه بابه. فقدم الكوفة فلمّا وصل الباب أخرج زنده فاستورى نارًا، ثم أحرق الباب فأخبر سعد فخرج إليه. فذكر القصة وقال محمد بن الربيع في صحابة مصر: بعثه عمر إلى عمرو بمصر فقاسمه ماله، وأسند ذلك في حديث.
وقال ابن شاهين: كان من قدماء الصحابة سكن المدينة، ثم سكن الرَّبَذَة بعد قتل عثمان. روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث، وروى عنه ابنه والمسور بن مخرمة، وعروة، والأعرج، وأبو بردة بن أبي موسى، وقبيصة بن حصن وغيرهم.
قال الواقدي: مات بالمدينة في صفر سنة ست وأربعين وهو ابن سبع وسبعين سنة، وأرّخه المدائني سنة ثلاث وأربعين. وقال ابن أبي داود: قتله أهل الشام وكذا قال يعقوب بن سفيان في تاريخه. دخل عليه رجل من أهل الشام من أهل الأردن وهو في داره فقتله.
والثاني: عبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري. قال البخاري: عبد يغوث جدّه، وكان خال النبي -صلى الله عليه وسلم- أسلم يوم الفتح، وكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولأبي بكر وعمر، وكان على بيت المال أيّام عمر، وكان أمينًا عنده. حدّثت حفصة أنه قال لها: لولا أن ينكر علي قومك لاستخلفت عبد الله بن الأرقم. وقال السائب بن يزيد: ما رأيت أخشى لله منه، وأخرج البغوي عن عبد الله بن الزبير: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استكتب عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث وكان يجيب عنه الملوك، وبلغ من أمانته عنده أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب ويختم، ولا يقرؤه لأمانته عنده، واستكتب أيضًا زيد بن ثابت، وكان يكتب الوحي، وكان إذا غاب ابن الأرقم وزيد بن ثابت واحتاج أن يكتب إلى أحد أمر من حضو أن يكتب. فمن هؤلاء عمر وعلي وخالد بن سعيد والمغيرة ومعاوية.
ومن طريق محمد بن صدقة الفديكي عن مالك أن أسلم قال قال عمر: كتب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كتاب، فقال لعبد الله بن الأرقم أجب هؤلاء عنّي، فأخذ عبد الله الكتاب فأجابهم، ثم جاء به فعرضه على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أصبت. فقال عمر: قلت رضي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كتبت، فما زالت في نفسي حتى جعلته على بيت المال. وقال مالك: بلغني أن عثمان أجاز عبد الله بن الأرقم ثلاثين ألفًا فأبى