الثالثة، قابلهما بأمرين دنيويين، والثالث بأمر ديني، وبيان ذلك أن قوله لا ينفر بالسرية يمكن أن يكون حقًا، لكن رأى المصلحة في إقامته ليرتب مصالح من يغزو ومن يقيم، أو كان له عذر كما وقع في القادسية.
وقوله: لا يقسم بالسوية يمكن أن يكون حقًا، فإن للإمام تفضيل أهل العناء في الحرب والقيام بالمصالح.
وقوله: لا يعدل في القضية هو أشدها؛ لأنه سلب عنه العدل مطلقًا، وذلك قدحٌ في الدين، ومن أعجب العجب أن سعدًا مع كون هذا الرجل واجهه بهذا وأغضبه حتى دعا عليه في حال غضبه راعى العدل والإنصاف في الدعاء عليه إذ علّقه بشرط أن يكون كاذبًا وأن يكون الحامل له على ذلك الغرض الدنيوي.
وقوله: رياء وسمعة أي: ليراه النّاس ويسمعوه فيشهروا ذلك عنه، فيكون له بذلك ذكر. والرياء بكسر الراء وتخفيف التحتانية، والمد مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها، فيحمدوا صاحبها، والسمعة بضم المهملة وسكون الميم مشتقة من السمع، والمراد بها نحو ما في الرياء لكنها تتعلق بحاسة السمع والرياء بحاسة البصر.
وقال الغزالي: طلب المنزلة في قلوب الناس بأن يريهم الخصال المحمودة. والمرائي هو العامل. وقال ابن عبد السلام: الرياء أن يعمل لغير الله والسمعة أن يخفي عمله لله، ثم يحدّث به الناس.
وقوله: وأطل: فقره في رواية جرير وشدّد فقره، وفي رواية سيف وأكثر عياله. قال الزين بن المنير في الدعوات الثلاثة مناسبة للحال. أما طول عمره فليراه من سمع بأمره فيعلم كرامة سعد، وأمّا طول فقره فلنقيض مطلوبه؛ لأن حاله يشعر بأنه طلب أمرًا دنيويًا، وأمّا تعرضه للفتن فلكونه قام فيها ورضيها دون أهل بلده.
وقوله: وعرضه للفتن أي: اجعله عرضة للفتن أو أدخله في معرضها أي: أظهره بها.
وقوله: فكان بعد أي: أبو سعدة، وقائل ذلك عبد الملك بن عمير بينه جرير في روايته.
وقوله: إذا سئل في رواية ابن عيينة إذا قيل له كيف أنت.
وقوله: شيخ كبير مفتون قيل: لم يذكر الدعوة الأخرى وهي الفقر، لكن عموم قوله أصابتني دعوة سعد تدلّ عليه. وقد وقع التصريح بذلك كما يأتي في تعريفه قريبًا دعوة سعد أفردها لإرادة الجنس وإن كانت ثلاث دعوات. وكان سعد معروفًا بإجابة الدعوة.
روى الطبراني عن الشعبي قيل لسعد: متى أصبت الدعوة قال: يوم بدر، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اللهم استجيب لسعد. وروى الترمذي وابن حبّان والحاكم عن قيس بن أبي حازم عن سعد: أن