الخامس: أبو معمر عبد الله بن سَخْبَرة بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة الكوفي من أزد شنوءة. ذكره ابن حبّان في الثقات. وقال ابن سعد: ثقة وله أحاديث. وقال العجلي: تابعي ثقة، روى عن عمر وعلي والمقداد وابن مسعود وخبّاب وأبي موسى، وروى عنه عُمارة بن عمير ومجاهد وإبراهيم النخعي وغيرهم، توفي في ولاية عبيد الله بن زياد.
السادس: خَبّاب بن الأرَتّ بتشديد المثناة ابن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمي، ويقال الخزاعي أبو عبد الله سبي في الجاهلية فبيع بمكة، فكان مولى أم أنمار الخزاعية. وقيل غير ذلك، ثم حالف بني زهرة. وقال الطبري: إنما انتسب في بني زهرة لأن آل سباع حلفاء عمرو بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، وآل سباع منهم سباع بن أم أنمار الخزاعية كان من السابقين الأوّلين، أسلم قديمًا وكان من المستضعفين. روى البارودي أنه أسلم سادس ستة، وهو أول من أظهر إسلامه، وعذب عذابًا شديدًا لذلك.
روى أبو داود عن الشعبي قال: سأل عمر خبابًا عمّا لقي من المشركين؟ فقال: يا أمير المؤمنين: انظر إلى ظهري، فنظر فقال: ما رأيت كاليوم! قال خبّاب: لقد أوقدت لي نار وسحبت عليها، فما أطفاها إلا ودك ظهري.
شهد المشاهد كلها، وآخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين تميم مولى خِرَاش بن الصَمّة. وقيل آخى بينه وبين جبير بن عتيك. قال ابن عبد البر: والأول أصح. واقتصر في الإصابة على الثاني.
كان يعمل السيوف في الجاهلية، ثبت ذلك في الصحيحين، وثبت فيهما أيضًا أنه تمول وأنه مرض مرضًا شديدًا حتى كاد أن يتمنى الموت.
وروى مسلم من طريق قيس بن أبي حازم قال: دخلنا على خبّاب وقد اكتوى فقال: لولا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. وروى الطبراني من طريق زيد بن وهب قال: لمّا رجع علي من صفّين مرَّ بقبر خبّاب فقال: يرحم الله خبّابًا، أسلم راغبًا، وهاجر طائعًا، وعاش مجاهدًا، وابتلي في جسمه أحوالًا، ولن يضيع الله أجره. له اثنان وثلاثون حديثًا، اتفقا على ثلاثة، وانفرد البخاري باثنين، ومسلم بواحد. روى عنه علقمة، ومسروق، وقيس بن إبي حازم، وأبو أمامة وابنه عبد الله، وأبو معمر.
مات بالكوفة سنة سبع وثلاثين، منصرف علي من صفّين، وصلّى عليه عليّ. ويقال إنّه أول من دفن بظهر الكوفة، وأنه عاش ثلاثًا وستين سنة. وقيل: مات سنة تسع وثلاثين بعد أن شهد مع علي صفين والنهروان، وصلّى عليه عليّ. وقيل: مات سنة تسع عشرة بالمدينة وصلّى عليه عمر رضي الله تعالى عنهما. والأول أصح.