التفات كان ذلك من إصلاح صلاته.
وقال ابن بطّال: فيه حجة لمالك في أن نظر المصلّي يكون إلى جهة القبلة.
وأحاديث الباب شاهدة له لأنهم لو لم ينظروا إليه عليه الصلاة والسلام ما رأوا تأخّره حين عرضت عليه جهنّم، ولا رأوا اضطراب لحيته، ولا استدلّوا بذلك على قراءته، ولا نقلوا ذلك، ولا رأوا تناوله فيما تناوله في قبلته حين مثلت له الجنّة.
وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور: يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده؛ لأنه أقرب للخشوع، واستثنى بعض مشايخ الحنفية إذا كان مشاهدًا للكعبة، فإنه ينظر إليها.
وقال القاضي حسين: ينظر إلى موضع سجوده في حال قيامه، وإلى قدميه في ركوعه، وإلى أنفه في سجوده، وإلى حجره في تشهده؛ لأن امتداد النظر يلهي، فإذا قصر كان أولى. وورد في ذلك حديث أخرجه سعيد بن منصور من مرسل محمد بن سيرين ورجاله ثقات. وأخرجه البيهقي موصولًا. وقال المرسل: هو المحفوظ، وفيه أن ذلك سبب نزول قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} ويمكن أن يفرق بين الإِمام والمأموم، فيستحب للإمام النظر موضع السجود. وكذا للمأموم إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه، وأما المنفرد فحكمه حكم الإمام.
ثم قال: وقالت عائشة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الكسوف: رأيت جهنّم يحطم بعضها بعضًا حين رأيتموني تأخّرت، وموضع الترجمة منه قوله حين رأيتموني. وهذا طرف من حديث وصله المؤلف في باب: إذا انفلتت الدابة وهو في أواخر الصلاة، وعائشة مرّت في الثاني من بدء الوحي.