حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَكَانَ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ.
قوله: في الترجمة سواء، هو ظاهر قوله في الحديث يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وفي رواية شعيب الآتية بعد باب يرفع يديه حين يكبر، وهذا دليل على المقارنة، وقد ورد تقديم الرفع على التكبير وعكسه، أخرجهما مسلم فروى حديث الباب عن ابن شهاب بلفظ رفع يديه ثم كبّر، وروى حديث مالك بن الحويرث كبّر ثم رفع يديه، وفي المقارنة وتقديم الرفع على التكبير خلافٌ بين العلماء، وأما تقديم التكبير على الرفع فلم أر من قال به، ورجح الأول حديث وائل بن حجر عند أبي داود بلفظ رفع يديه مع التكبير وهو المرجح عند الشافعية والمالكية.
وقضية المعية أنه ينتهي بانتهائه، وهو الذي صححه النووي في شرح المهذب ونقله عن نص الشافعي وهو المرجح عند المالكية، وصحح في الروضة تبعًا لأصلها أنه لا حد له لانتهائه، وقال صاحبُ الهدايةِ: الأصح عندَ الحنفيةِ يرفعُ يَدَيْهِ، ثمَّ يكبّر, لأنّ الرفعَ نفيُ صفة الكبرياء عن عبد الله، والتكبيرُ إثباتُ ذلك له، والنفيُ سابقٌ على الإِثباتِ كما في كلمة الشهادة، وهذا مبني على أن الحكمة في الرفع ما ذُكر.
وقد قيل: الحكمةُ في اقترانهما أن يراه الأصمّ ويسمعه الأعمى. وقيل: معناهُ الإشارة إلى طرح الدنيا، والإقبال بكليته على العبادة. وقيل: إشارة إلى الاستسلام والانقياد، ليناسب فعله قوله: الله أكبر. وقيل: إشارة إلى استعظام ما دخل فيه. وقيل إشارة إلى تمام القيام. وقيلَ إلى رفع الحجاب بين العبد والمعبود. وقيل: ليستقبل بجميع بدنه.
قال القرطبي: هذا أَنسبها. وقال الربيع: قلت للشافعي: ما معنى رفع اليدين؟ قال: تعظيم الله واتباع سنة نبيه. وقيل: إن سبب مشروعية الرفع هو أن المنافقين كانوا يجيئون بأصنامهم تحت آباطهم فأمرت الناس برفع اليدين لتسقط الأصنام من تحت آباطهم، فزال السبب وبقي المسبَّب.