المخارج، والثاني أشد حفظًا، والظاهر تقديم الأول، ولو كان محفوظ الثاني أكثر، ثم يلي ذلك زائد عبادة من صوم وصلاة, لأن من هذا شأنه أشد خشية وورعًا وتنزهًا، ثم يلي ذلك زيادة سن إسلام لزيادة أعماله، ثم يلي ذلك شرف لدلالته على صيانة المتصف به عما ينافي دينه، ويوجب له أنفة عن ذلك، ثم يلي ذلك كمال الخَلْق بفتح الخاء وسكون اللام، أي حُسن الصورة, لأن العقل والخير يتبعانه غالبًا، ثم يلي ذلك حسن الخُلُق بضمتين، أي الطبع؛ لأنه من أعظم صفات الشرف، وقدمه بعضهم على كمال الصورة، ثم يلي ذلك جميل اللباس، لدلالته على شرف النفس والبعد عن المستقذرات، وإن تشاحّ المتساوون لغير كبر اقترعوا.
والترتيب عند الحَنَفية قريب من المالكية. قال العَينِيّ: قال أصحابنا أَولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة، أي الفقه والأحكام الشرعية إذا كان يحسن من القراءة ما تجوز به الصلاة، وهذا قول الجمهور، وبه قال مالك والشافعيّ وعطاء والأوزاعيّ، وعن أبي يُوسف أقرأ الناس أَولى بالإمامة، وهو أحد الوجوه عند الشافعية، فإن تساووا في العلم والقراءة فأولاهم أورعهم، والورع الاجتناب عن الشُّبُهات، والتقوى الاجتناب عن المحرمات، فإن تساووا في الورع فأسنهم أولى بالإمامة، وفي "المحيط" الأَسَنّ أَولى من الوَرِع إذا لم يكن فيه فسق ظاهر. وقال النَّوَوِيّ المراد بالسن سن من مضى في الإِسلام، فلا يقدم شيخ أسلم قريبًا على شاب نشأ في الإِسلام، أو أسلم قبله فإن تساووا في السن فأحسنهم خُلُقًا وزاد بعضهم: فإن تساووا فأحسنهم وجهًا، وفي "مختصر الجواهر": يرجح بالفضائل الشرعية والخلقية والمكانية وكمال الصورة، كالشرف في النسب والسن، ويلتحق بذلك حسن اللباس، وقيل: وبصباحة الوجه، وحسن الخلق، وبملك رقبة المكان، أو منفعته. قال المِرْغانيّ: المستأجر أولى من المالك.
وفي "الخلاصة" فإن تساووا في هذه الخصال يقرع، أو الخيار إلى القوم، وقيل: إمامة المقيم أولى من العكس. قال الكِرْمانيّ: هما سواء.