حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمْ يَخْرُجِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ثَلاَثًا، فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَقَدَّمُ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْحِجَابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمَّا وَضَحَ وَجْهُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَا نَظَرْنَا مَنْظَرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْنَا مِنْ وَجْهِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ وَضَحَ لَنَا، فَأَوْمَأَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَأَرْخَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْحِجَابَ، فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.
قوله: ثلاثًا، أي ثلاثة أيام، وقد مرَّ غير مرة أن المميز إذا كان محذوفًا يجوز تذكير العدد وتأنيثه، وكان ابتداؤها من حين خرج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فصلّى بهم قاعدًا كما مرَّ. وقوله: فذهب أبو بكر يتقدم، وفي رواية "فتقدم" وقوله: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحجاب، أي أخذ الحجاب فرفعه، وهذا من إجراء "قال" مجرى "فعل"، وهو كثير. وقوله: فلما وضح، أي ظهر، قال ابن التين: أي ظهر لنا بياضه وحسنه، لأن الوضّاح عند العرب هو الأبيض اللون لحسنه. وقوله: ما رأينا، وفي رواية الكُشْمَيهنيّ: ما نظرنا. وقوله: فأومأ بيده إلى أبي بكر أن يتقدم، ليس مخالفًا لقوله في أوله "فتقدم أبو بكر" والحاصل أنه تقدم، ثم ظن أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خرج، فتأخر، فأشار إليه حينئذ أن يرجع إلى مكانه. وفي حديث ابن عباس عند مسلم في نحو هذه القصة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم في تلك الحالة: "ألا وإني نُهيت أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا".
وقوله: فلم يُقدر عليه، أي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويُقدر بضم أوله وفتح الدال، بلفظ المفرد والغائب مبني للمجهول، ويروى فلم "نَقْدِر" بفتح النون وكسر الدال، بلفظ المتكلم. وفي الحديث أن أبا بكر، رضي الله تعالى عنه، كان خليفته في الصلاة إلى موته عليه الصلاة والسلام، ولم يعزله عنها كما زعمت