الحديث الثالث والثلاثون

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ وَكَانَ تَبِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَخَدَمَهُ وَصَحِبَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الَّذِى تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الاِثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاَةِ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَهْوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَارِجٌ إِلَى الصَّلاَةِ، فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ.

قوله: تبع النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يذكر المتبوع فيه ليشعر بالعموم، أي تبعه في العقائد والأقوال والأفعال والأخْلَاق. وقوله: وخدمه، إنما ذكر خدمته لبيان زيادة شرفه، وهو كان خادمًا له عليه الصلاة والسلام عشر سنين، ليلًا ونهارًا وذكر صحبته معه -صلى الله عليه وسلم- لأن الصحبة معه عليه الصلاة والسلام أفضل أحوال المؤمنين، وأعلى مقاماتهم. وقوله: يوم الاثنين، بالنصب، أي كان الزمان يوم الاثنين، ويجوز أن تكون كان تامة، ويكون يوم الاثنين مرفوعًا. وقوله: وهم صفوف، جملة اسمية وقعت حالًا. وقوله: ينظر، كذلك، وروى "فنظر" وقوله: كأن وجهه ورقة مُصْحَف، الوَرَقة بفتح الراء والمصحف مثلث الميم، ووجه التشبيه عبارة عن الجمال البارع وحسن الوجه وصفاء البشرة.

وقوله: يضحك، جملة حالية تقديره فتبسم ضاحكًا، وسبب تبسمه فرحه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة، واتفاق كلمتهم وإقامتهم شريعته، ولهذا استنار وجهه، ويروى "فضحك" بالفاء، وقوله: فهممنا، أي قصدنا، وقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015