حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَقَالَ جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سَالَ السَّقْفُ وَكَانَ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ فَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَاءِ وَالطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ.
مطابقة حديث أبي سعيد هذا للترجمة من جهة أن العادة في يوم المطر أن يتخلف بعض الناس، وأما قول بعض الشُّرَّاح يحتمل أن يكون ذلك في الجمعة، فمردود لما يأتي في الاعتكاف من أنها كانت الصبح. وقوله: سألت أبا سعيد، أي عن ليلة القدر. وقوله: فَمَطَرت، بفتحتين، وفي رواية "فاسْتَهَلَّت السماء فأمطرت". وقوله: حتى سأل السقف، أي سقف المسجد، كما هو صريح رواية الاعتكاف، وفي رواية مالك "فوكف المسجد" أي قطر الماء من سقفه، وكان على عَريش، أي مثل العَرِيش، وإلا فالعريش هو نفس سقفه، والمراد أنه كان مظللاً بالجَريد والخُوص، ولم يكن محكم البناء، بحيث يُكِنّ من المطر الكثير.
وقوله: حتى رأيت أثر الطين في جبهته، وفي رواية مالك "على جبهته أثر الماء والطين" وفي رواية أبي حازم الآتية في الاعتكاف "انصرف من الصبح ووجهه ممتلىء طينًا وماء" وهذا يشعر بأن قوله "أثر الماء والطين" لم يرد به محض الأثر، وهو ما يبقى بعد إزالة العين. وفي هذا الحديث ترك مسح جبهة المصلي، والسجود على الحائل، وحمله الجمهور على الأثر الخفيف، لكن يعكر عليه قوله في بعض طرقه كما مرَّ "ووجهه ممتلىء طينًا وماء" وأجاب النوويّ بأن الامتلاء المذكور لا يستلزم ستر جميع الجبهة، وفيه جواز السجود في