[التوبة: 124] أي: بزيادة العلم الحاصل من تدبرها، وبانضمام الإِيمان بها، وبما فيها إلى إيمانهم، وهذه في سورة براءة.
وقولُه جلّ ذكرُه: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173] أي لعدم التفاتهم إلى من ثَبَّطَهم عن قتال المشركين، بل ثبت يقينهم بالله، وازداد إيمانهم، قال البيضَاوي: وهو دليل على أن الإِيمان يزيد وينقص، وهذه في آل عمران.
وقوله تعالى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] أي لما رأوا الخطب أو البلاء في قصة الأحزاب، لم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله ومواعيده، وتسليمًا لأوامره ومقاديره.
ثم استدل المؤلف أيضًا على قَبُول الزيادة بقوله: "والحُبُّ في الله والبُغض في الله مِنَ الإِيمان" الحب مبتدأ خبره من الإِيمان، وجه الاستدلال به هو أن الحب والبغض يتفاوتان، وهما من الإِيمان، فتكون الزيادة والنقص في الإِيمان، وهذا التعليق لفظُ حديث أخرجه أبو داود من حديث أبي ذَرٍّ وأبي أُمَامة، ولفظ أبي ذَرٍّ: "أفضَلُ الأعمالِ الحُبُّ في الله والبُغض في الله" ولفظ أبي أُمامة: "مَنْ أحَبَّ لله وأبغَضَ لله وأعطى لله ومَنَعَ لله فَقَدِ استكمَلَ الإِيمانَ" وللتِّرمِذي من حديث مُعاذ بن أنَس نحو حديث أبي أُمامة، وزاد أحمد فيه: "ونَصَحَ لله" وزاد في أخرى "ويَعْمَل لِسانُهُ في ذكر الله" وله عن عمرو بن الجَمُوح: "لَا يَجدُ العبد صَريحَ الإِيمانِ حتّى يُحِبّ لله ويُبْغِض لله" ولفظ البراء عند ابن أبي شَيبَة "أوْثَقُ عُرى الإِيمان الحُبّ في الله والبُغضُ في الله" وقوله: "الحُبّ في الله" كلمة في أصلها للظرفية، ولكنها هنا للسببية، أي: بسبب طاعة الله تعالى، ومعصيته، كقوله تعالى: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يوسف: 32] وقوله: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ} [النور: 14] وقوله عليه الصلاة والسلام: "دَخَلتِ امرأة النَّار في هِرَّة" أي: بسبب هرة.