للزُّهري، وتَلَقَّن عنه العلم، وهو ابن سبعين سنة، ابتدأ بالتعليم وهو ابن سبعين سنة، قال ابن حَجَر: هذه مجازفة قبيحة مقتضاها أن يكون صالح ابن كَيْسان ولد قبل بِعْثة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم؟ ولو كان طلب العلم كما حدده الحاكم، لكان قد أخذ عن سعد بن أبي وقّاص، وعائِشة، وقرأت بخط الذَّهَبي: الذي يظهر لي أنه ما أكمل التِّسعين، ووقع في صحيح البخاري في كتاب الزكاة: صالح أكبر من الزُّهري، أدرك ابن عُمر وليس في الكتب الستة صالح بن كَيْسان سواه، وأما صالح فنحو خمسة وخمسين.
ورواية صالح عن الزُّهري من رواية الأكابر عن الأصاغر، لأن صالحًا أكبر من الزُّهري سنًّا كما مر، وهو نوع لطيف، وفائدته الأمن من ظن الانقلاب، وتنزيل أهل العلم منازِلهم، والأصل فيه رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته خبر الجَسّاسة عن تَميم الدّاريّ كما في مسلم، وفي أبي داود من حديث عائشة رضي الله عنها: "أنْزِلُوا الناس منازِلَهم" وهو على أضْرُب: أن يكون الشيخ أصغر سنًّا وطبَقةً، وهما متلازمان غالبًا كرواية كل من الزُّهري ويحيى بن سَعيد الأنصاري عن تلميذهما الإِمام مالك بن أنس، وكرواية أبي القاسم عُبيد الله بن أحمد الأزْهَرِي عن تلميذه الحافظ أبي بكر الخطيب، وكان إذ ذاك شابًّا.
والضَّرْب الثاني: أن يكون أصغر منه في القَدْر دون السن، كرواية مالك وابن أبي ذِئْب عن شيخهما عبد الله بن دينار وأضرابه.
والثالث: أن يكون أصغر منه فيهما، كرواية كثير من الحفاظ والعلماء عن تلامذتهم، كعبد الغَني بن سعيد، عن محمد بن عَلي الصُّوريِّ، ومن الضرب الثالث رواية الصحابة عن التابعين، كرواية عدة منهم العبادلة الأربعة، وعمر، وعلي، وأنس، ومُعاوية عن كعب الأحبار.
وإلى هذه الأنواع أشار العراقيُّ بقوله: