مرَّ ما يدل على هذا في رواية ابن خزيمة السابقة.

وقوله: فيسألهم، قيل: الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير، واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك لإظهار الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير، واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم، وذلك لإظهار الحكمة في خلق نوع الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، أي: وقد وجد فيهم من يسبح ويقدس مثلكم، بنص شهادتكم. قال عياض: هذا السؤال على سبيل التعبد للملائكة، كما أمرهم أن يكتبوا أعمال بني آدم، وهو سبحانه وتعالى أعلم من الجميع بالجميع.

وقوله: "كيف تركتم عبادي؟ " قال ابن أبي جَمرة: وقع السؤال عن آخر الأعمال، لأن الأعمال بخواتيمها، والعباد المسؤول عنهم هم المذكورون في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}. وقوله: "تركناهم وهم يصلُّون، وأتيناهم وهم يصلون"، لم يراعوا الترتيب الوجوديّ، لأنهم بدأوا بالترك قبل الإتيان، والحكمة فيه أنهم طابقوا السؤال، لأنه قال: كيف تركتم؟ ولأن المخبر به صلاة العباد، والأعمال بخواتيمها، فناسب ذلك إخبارهم عن آخر عملهم قبل أوله.

وقوله: "تركناهم وَهم" ظاهره أنهم فارقوهم عند شروعهم في صلاة العصر، سواء تمت أم منع مانع من إتمامها، وسواء شرع الجميع فيها أم لا، لأن المنتظر في حكم المصلي. ويحتمل أن يكون المراد بقولهم: "وهم يصلون"، أي: ينتظرون صلاة المغرب. وقال ابن التين: الواو في قوله: "وهم يصلون" واو الحال، أي: تركناهم على هذه الحالة، ولا يلزم منه أنهم فارقوهم قبل انقضاء الصلاة، فلم يشهدوها معهم، والخبر ناطق بأنهم يشهدونها، لأنَّا نقول: هو محمول على أنهم شهدوا الصلاة مع من صلاها في أول وقتها، وشهدوا من دخل فيها بعد ذلك، ومن شرع في أسباب ذلك. قال ابن أبي جمرة: أجابت الملائكة بأكثر مما سئلوا عنه، لأنهم علموا أنه سؤال يقتضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015