حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخبرنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ، وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ".
قوله: "يتعاقبون"، أي: تأتي طائفة عقب طائفة، ثم تعود الأولى عقب الثانية. قال ابن عبد البر: وإنما يكون التعاقب بين طائفتين أو رجلين، بأن يأتي هذا مرة، ويعقبه هذا. ومنه تعقيب الجيوش: أن يجهز الأمير بعثًا إلى مدة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز غيرهم إلى مدة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز الأولين. قال القرطبي: الواو في قوله: "يتعاقبون" علامة الفاعل المذكر المجموع على لغة بلحارث، وهم القائلون: "أكلوني البراغيث". ومنه قول الشاعر:
بحَوْرانَ يعصرنَ السليطَ أقاربه
وهي لغة فاشية، وحمل الأخفش عليها قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}، وقد تعسف بعض النحاة في تأويلها وردها للبدل، وهو تكلف مستغنى عنه، فإن تلك اللغة مشهورة، ولها وجه من القياس واضح. وقال غيره في تأويل الآية: الضمير في أسروا عائد على الناس المذكورين أولًا، والذين ظلموا بدل من الضمير. وقيل: التقدير أنه لما قيل: "وأسروا النجوى"، قيل: ومن هم؟ قال: "الذين ظلموا". والأول أقرب إذ الأصل عدم التقدير. وقال جماعة من الشراح: إن حديث الباب من هذا القبيل، ووافقهم ابن مالك،