الجدار مثله، كانت الشمس أبعد في أواخر العرصة، وكأنّ المؤلف لم يقع له حديث على شرطه في تعيين أول وقت العصر وهو مصير ظل كل شيء مثله، فاستغنى بالحديث الدال على ذلك بالاستنباط.
وقد أخرج مسلم عدة أحاديث مصرحة بالمقصود، ولم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة، فالمشهور عنه أنه قال: أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثليه بالتثنية. قال القرطبيّ: خالفه الناس كلهم في ذلك حتى أصحابه، يعني الآخذين عنه، كأبي يوسف ومحمد، فإنهما قالا بقول الجمهور من كون أول وقته إذا صار ظل كل شيء مثله، بالإفراد، وقد انتصر له جماعة ممن جاء بعد الآخذين عنه، فقالوا: ثبت الأمر بالإبراد، ولا يحصل الإبراد إلا بعد ذهاب اشتداد الحر، ولا يذهب في تلك البلاد إلا بعد أن يصير ظل كل شيء مثليه، فيكون أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثليه، وحكاية مثل هذا تغني عن رده، والحق أن أبا حنيفة إنما احتج بحديث ابن عباس السابق في اقتداء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بجبريل، ففيه أنه صلى به العصر في المرة الثانية حين صار ظل كل شيء مثليه، ولكن هذا لا يقاوم ما في الصحيحين، ولا موجب لتقديم ما في المرة الثانية على المرة الأولى، مع أن المرة الأولى فيها المبادرة إلى أول الوقت، والثانية يحتمل أن يكون فعل ذلك فيها لبيان الجواز.
الأول: أبو نعيم، وقد مرَّ في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرّ ابن عُيينة في الأول من بدء الوحي، ومرّ ابن شهاب في الثالث منه، ومرَّ عروة وعائشة في الثاني منه.
ثم قال: قال أبو عبد الله، وقال مالك ويحيى بن سعيد وشعيب وابن أبي حفصة: "والشمس قبل أن تظهر"، وقد مرَّ معنى "قبل أن تظهر" قريبًا، وهذه التعاليق أما تعليق مالك، فقد وصله البخاري في باب المواقيت، وأما طريق