حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ".
قوله: "بالظهر"، دال على تخصيص الإبراد بالظهر، فهو مقيد للفظ السابق: "أبردوا بالصلاة"، ولم يقل أحد بالإبراد في غير الظهر إلا أشهب، قال: يبرد بالعصر كالظهر، وقال أحمد: تؤخر العشاء في الصيف كالظهر، وعكس ابن حبيب، فقال: إنما تؤخر في ليل الشتاء لطوله، وتعجل في الصيف لقصره، وقد يحتج بحديث الباب وحديث: "أبردوا بالصلاة" السابق على مشروعية الإبراد للجمعة، وبه قال بعض الشافعية. وهو مقتضى طبع المؤلف، وذلك لدخولها في مسمى الصلاة، ولأن العلة، وهي شدة الحر، موجودة في وقتها، والأصح أنه لا يُبْرَد بها؛ لأن المشقة في الجمعة ليست في التعجيل، بل في التأخير، والمستحب لها التعجيل، وسيأتي إن شاء الله تعالى استيفاء الكلام عليها في محلها.
قال في "الفتح": رتب المصنف أحاديث هذا الباب ترتيبًا حسنًا، فبدأ بالحديث المطلق، وثنَّى بالحديث الذي فيه الإرشاد إلى غاية الوقت، الذي ينتهي إليه الإبراد، وهو ظهور فيء التلول، وثلَّث بالحديث الذي فيه بيان العلة في كون ذلك المطلق محمولًا على المقيد، وربَّع بالحديث المفصح بالتقييد.
الأول: عمر بن حفص بن غياث، والثاني أبوه، وقد مرا في الثاني عشر