قال ابن بطال: فيه أن البِدار إلى الصلاة في أول وقتها أفضل من التراخي فيها؛ لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب. قال ابن دقيق العيد: ليس في هذا الحديث ما يقتضي أولًا ولا آخرًا، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء. وتعقب بأن إخراجها عن وقتها محرم، ولفظ: "أحب" يقتضي المشاركة في الاستحباب، فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت. وأجيب بأن المشاركة، إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله تعالى من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور، كالنائم والناسي، فإنّ إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم، ولا بكونه أفضل الأعمال، مع كونه محبوبًا، لكن إيقاعها في الوقت أحب.
وقوله: "ثم أي"، قيل: الصواب أنه غير منوَّن؛ لأنه غير موقوف عليه في الكلام، والسائل ينتظر الجواب، والتنوين لا يوقف عليه، فتنوينه ووصله بما بعده خطأ، فيوقف عليه وقفة لطيفة، ثم يؤتى بما بعده. قاله الفاكهاني، وحكى ابن الجوزيّ عن ابن الخشاب الجزم بتنوينه، لأنه معرب غير مضاف، وتعقب بأنه مضاف تقديرًا، والمضاف إليه محذوف لفظًا، والتقدير: أي العمل أحب، فيوقف عليه بلا تنوين. وقد نص سيبويه على أنها تعرب وتبنى إذا أضيفت.
وقوله: "قال: بر الوالدين"، كذا للأكثر، وللمستملي قال: "ثم برّ الوالدين" بزيادة "ثم". قال بعضهم: هذا الحديث موافق لقوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} وكأنه أخذه من تفسير ابن عُيينة، حيث قال: من صلى الصلوات الخمس فقد شكر لله، ومن دعا لوالديه عقبها فقد شكر لهما. وقوله: "قال: الجهاد في سبيل الله"، قيل: المراد بالجهاد هنا ما ليس بفرض عين، لأنه يتوقف على إذن الوالدين، فيكون برهما مقدّمًا عليه.
وقوله: "حدثني بهن"، هو مقول عبد الله بن مسعود، وفيه تقرير وتأكيد لما تقدم من أنه باشر السؤال وسمع الجواب.
وقوله: "ولو استزدته لزادني"، يحتمل أن يريد من هذا النوع، وهو المراتب