حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: الْوَلِيدُ بْنُ الْعَيْزَارِ أَخْبَرَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ، وَأَشَارَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: "الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا". قَالَ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ". قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.
قوله: "أخبرني"، هو على التقديم والتأخير. قوله: "صاحب هذه الدار"، كذا رواه شعبة مبهمًا، وعند المصنف عن مالك بن مِغْوَل في الجهاد، وعن أبي إسحاق في التوحيد التصريح باسم عبد الله بن مسعود. قلت: بعد التصريح بصاحب الدار، والإشارة إلى دار عبد الله بن مسعود، لم يبق إبهام في الاسم. وقوله: "وأشار بيده "، فيه الاكتفاء بالإشارة المفهمة عن التصريح. وقوله: "أيُّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى"، في رواية مالك بن مِغْوَل: "أي العمل أفضل"، وكذا لأكثر الرواة، فإن كان هذا اللفظ هو المسؤول به، فلفظ حديث الباب ملزوم عنه.
ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره، مما اختلفت فيه الأجوبة، أنه من أفضل الأعمال، أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين، بأنْ أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات، بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإِسلام أفضل الأعمال، لأنه الوسيلة إلى القيام بها، والتمكن من أدائها، وقد