النضح لتليين الحصير أو لتنظيفه أو لتطهيره، والأخير أوْلَى، وهو المتبادر؛ لأنه في التوجه للصلاة، والحصير متطرق فيه الشك في النجاسة، لاسوداده من طول اللبس، فهو جار على مذهب مالك من وجوب النضح عند الشك في النجاسة. وأما التليين والنظافة فلا يحصلان بالنضح بتاتًا، وإنما يحصلان بالغسل، فقول صاحب الفتح: ولا يصح الجزم بالأخير الذي هو التطهير؟ غيرُ ظاهر، بل اللازم الجزم به فتأمل منصفًا.

وقوله: وصففت أنا واليتيم، كذا للأكثر، وللحمويّ والمستملي "فصففت واليتيم" بغير تأكيد، والأول أفصح، ويجوز في اليتيم الرفع على العطف، والنصب على المفعول معه، ويأتي في السند قريبًا الكلامُ على اليتيم، وعلى العجوز التي هي مليكة. وقوله: ثم انصرف، أي إلى بيته أو مِن الصلاة، وفي الحديث إِجابة الدعوة ولو لم تكن عُرسًا، ولوكان الداعي امرأة، لكن حيث تؤمن الفتنة، والأكل من طعام الدعوة، وصلاة النافلة جماعة في البيوت، وكأنه -صلى الله عليه وسلم- أراد تعليمهم أفعال الصلاة بالمشاهدة، لأجل المرأة، فإنها قد يخفى عليها بعض التفاصيل، لبعد موقعها.

وفيه تنظيف مكان المصلي أو تطهيره على ما مرّ، وقيام الصبي مع الرجل صفًا، وتأخير النساء عن صفوف الرجال، وقيام المرأة صفًا وحدها إذا لم تكن معها امرأة غيرها، واستدل به على جواز صلاة المنفرد خلف الصف، ولا حجة فيه لذلك؛ لأن المنفرد امرأة. وفيه الاقتصار في صلاة النهار على ركعتين خلافًا لمن اشترط أربعًا، وسيأتي ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. وفيه صحة صلاة الصبي المميز ووضوئه، وأن محل الفضل الوارد في صلاة النافلة منفردًا، حيث لا تكون هناك مصلحة كالتعليم، بل يمكن إن يقال: هو إِذ ذاك أفضل، ولاسيما في حقه -صلى الله عليه وسلم-.

وقد أورد مالك هذا الحديث في ترجمة صلاة الضحى، وتعقب بما رواه أنس بن سيرين عن أنس بن مالك "أنه لم ير النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى إِلا مرة واحدة في دار الأنصاري الضخم الذي دعاه ليصلي له في بيته" أخرجه المصنف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015