حمل باقي الروايات عليها. وأما قول الكرمانيّ: الشطر هو النصف، ففي المراجعة الأولى وضع خمسًا وعشرين، وفي الثانية ثلاثة عشر، أي نصف الخمسة والعشرين بجبر الكسر، وفي الثانية سبعًا، كذا قال. وليس في حديث الباب في المراجعة الثالثة ذكرُ وضع شيء إلَّا أنْ يقال: حَذَف ذلك اختصارًا، فيتجه. لكن الجمع بين الروايات يأبى هذا الحمل، فالمعتمد ما تقدم. وقوله: هن خمس وهن خمسون، وفي رواية غير أبي ذرٍّ هي خمس، بدل هنّ في الموضعين، والمراد هنّ خمس عددًا باعتبار الفعل، وخمسون اعتدادًا بالثواب. وفي رواية ثابت عن أنس عند مسلم "حتى قال: يا محمد، هن خمس صلوات في كل يوم وليلة، كل صلاة عشرة، فتلك خمسون صلاة، "ومن هَمّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ... " الحديث المار الكلام عليه في الإِيمان.

وعند النَّسائي من رواية يزيد بن أبي مالك، عن أنس: وأتيت سِدرة المنتهى فغشيتني ضبابة فخررت ساجدًا، فقيل لي: إني يوم خلقت السموات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة، فقم بها أنت وأمتك، فذكر مراجعته مع موسى، وفيه فإنه فرض علي بني إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما، وقال في آخره: فخمس بخمسين، فقم بها أنت وأمتك. قال: فعرفت أنها عزمة من الله، فرجعت إلى موسى فقال لي: ارجع فلم أرجع. واستدل به على عدم فرضيته ما زاد على الصلوات الخمس كالوتر، وعلى دخول النسخ في الإِنشاآت ولو كانت مؤكدة خلافًا لقوم فيما آكد، وعلى جواز النسخ قبل الفعل. قال ابن بطال: ألا ترى أنه عَزَّ وَجَلَّ نسخ الخمسين بالخمس؟ قيل: إن تُصلى ثم تفضل عليهم بان أكمل لهم الثواب. وتعقبه ابن المنير فقال: هذا ذَكره طوائف من الأصوليين والشراح، وهو مشكل على من أثبت النسخ قبل الفعل كالأشاعرة، أو منعه كالمعتزلة، لكؤلهم اتفقوا جميعًا على أن النسخ لا يتصور قبل البلاغ، وحديث الإِسراء وقع فيه النسخ قبل البلاغ، وهو مشكل عليهم جميعًا. قال في الفتح: إنْ أراد قبل البلاغ لكل أحد فممنوع، وإن أراد قبل البلاغ للأمة فَمُسَلّم، لكن قد يقال: ليس هو بالنسبة إليهم نسخًا، لكنه نسخ بالنسبة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأنه كُلِّف بذلك قطعًا، ثم نسخ بعد أن بلغه، فالمسألة صحيحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015